ثقافة
أخر الأخبار

رؤية دِمشقيَّة في السُّليمانيَّة

مصطفى عبد الوهاب العيسى

 لم أكُن في حلمٍ.. أنا على يقينٍ من ذلك.

قالت بأنها: مُشتاقة..

قالت لي أجملُ فتاةٍ في هذا العالم: أنا مُشتاقة.

دعوتُ الله كثيراً أن تُطوى المسافات، ويجمع بيننا، ونلتقي ونسقي بعضنا القُبل.

كم جادلتُ الرهبانَ والشيوخَ في أمر اليوم الآخر، ولم يقبلوا قولي بأن زيارة الجنة ممكنة في هذه الدنيا، وكانت هي الجنة.

عبرتُ بها شوارع دمشق الحزينة بلا خوف، وأمسكتُ بجناحيها وهي تطيرُ بي فوق جبال الكورد في السليمانية.

ليسَ حُبَّاً سهلاً ترتفعُ فيه الحرارة تدريجياً، وفي لحظةٍ واحدة شعرتُ بأن الحياة طويلة، وأنني أصبحتُ أُحبُّ العالم كُلهُ.

أحسستُ بتلك السعادة الكبيرة التي ظننتُ بأنها في عصرنا مُستحيلة وأنا أسبحُ في بُحيرةٍ من نور منذ المرة الأولى التي قابلتُ فيها ابتسامتها.

حبُّها يجعل من وشاحها لثاماً يحجب عن ناظري فظائع هذا الكون، ويمنحني سعادةً تشبه سعادة طفل بثيابه الجديدة.

بيتنا الصغير الذي لا تتجاوز مساحته ستين متراً، كان أشبه بلوحة جدارية نطقت بالحب العظيم، دون أن يلمسها مايكل أنجلو.

يا فؤادُ.. ما بالُ عينيك لا تسترُ عِشقك مرة !

وكيف يخلُق الله كُلَّ هذا الحُبِّ في قلبي ؟

كان جمالها تاريخياً، وكانت قطراتُ الندى قد بدأت برسمِ لونٍ من الزهر على كاحلها الأبيض، وفي ضحكتها آلاف البذور الأصيلة ، وفي سمائها نجومٌ أضاءت الليل الحالك، وهي أجملُ من حمل الياسمين يوماً.

هي أجملُ من كل الياسمين، وفي عينيها الوجود، واليقينُ في الحب أن قدمها أو كعباً ارتدته قدمها الفضية أجملُ من كُل أشباه النساء.

لن أنسى ذلك الانحناء اللطيف وتلك الرقة الخيالية، والتي لن توصف يوماً، ولن يعرفها إلَّا من رزقه الله هذه الرؤية الدمشقية في بلاد الكُرد.

* كاتب وباحث مستقل / سوريا (مقيم في العراق)

https://anbaaexpress.ma/aa6xr

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى