في خطوة عكست عمق الأزمة التي يعيشها النظام الجزائري، أعلن الرئيس عبد المجيد تبون عن تعيين سيفي غريب وزيرًا أول بالنيابة خلفًا لنذير العرباوي، وذلك بعد غياب طويل للرئيس عن المشهد العام، أعقبه حادث وادي الحراش المأساوي الذي هزّ الرأي العام وكشف هشاشة البنية التحتية وتردي أداء الحكومة.
ويرى مراقبون أن التغيير المفاجئ في رأس الجهاز التنفيذي ليس مجرد حركة شكلية، بل إشارة واضحة إلى أن السلطة في الجزائر تعيش حالة تخبط كبيرة وغير مسبوقة، حيث باتت تتعامل مع الأزمات بعقلية إطفاء الحرائق بدل تبني إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة.
سيفي غريب، القادم من عالم الصناعة والبحث العلمي، يتميز بخبرة تقنية أكثر منها سياسية.
فقد ارتبط اسمه بعدد من المشاريع الصناعية والتقنية، وهو ما دفع السلطة إلى الرهان عليه كوجه قادر على منح المشهد الحكومي طابعًا براغماتيًا، خاصة في ظل الانتقادات الشعبية التي طالت أداء الوزراء السابقين.
غير أن تعيينه يكشف في العمق عن إفلاس النظام في إنتاج قيادات سياسية حقيقية، والاكتفاء بتدوير أسماء تقنية لإدارة مرحلة انتقالية غامضة.
ويؤكد محللون لأنباء إكسبريس، أن النظام الجزائري يسعى من خلال هذه المناورة إلى امتصاص الغضب الشعبي وشراء بعض الوقت بعد الفاجعة الوطنية، لكنه في الواقع يزداد عجزًا عن تقديم حلول جذرية للأزمة المتفاقمة.
فالمشهد السياسي يعاني من انسداد حاد، والرئيس تبون فقد جزءًا كبيرًا من شرعيته بسبب طول غيابه وعجزه عن إدارة الأزمات، في وقت تتزايد فيه الضغوط الاجتماعية والاقتصادية بشكل غير مسبوق.
إن تعيين غريب لا يُقرأ باعتباره بداية مرحلة إصلاحية، بقدر ما يُنظر إليه كـ محاولة يائسة لترميم صورة سلطة توشك أن تنهار من الداخل.
فغياب الرؤية، وارتباك القرارات، واعتماد أسلوب التعيينات الارتجالية، كلها مؤشرات على أن النظام الجزائري يسير نحو مأزق خطير، قد يدفع البلاد إلى مرحلة غير محسوبة العواقب.
خلاصة القول، بين غياب الرئيس وتفاقم الأزمات، وبين فاجعة وادي الحراش وتعيين وزير تقني مكان سياسي، تبدو الجزائر اليوم أمام مشهد يعكس تخبط نظام يحتضر أكثر مما يعكس دينامية سياسية جديدة.
والوقت وحده كفيل بالكشف عمّا إذا كان هذا التعيين سينجح في كبح الانهيار، أم أنه مجرد حلقة جديدة في مسلسل التراجع وفقدان البوصلة.