أفريقياسياسة
أخر الأخبار

باريس تضيق الخناق على الجزائر.. عزلة دبلوماسية تتعمق ومسار الصحراء المغربية يعيد تشكيل المعادلات

مع تصاعد التوتر بين باريس والجزائر، وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حكومته إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزماً تجاه الجزائر، مشيراً إلى ما وصفه بـ”مصير” الكاتب بوعلام صنصال والصحافي كريستوف غليز المعتقلين في الجزائر، وداعياً إلى خطوات إضافية تعكس تغيراً جوهرياً في تعاطي فرنسا مع الملف الجزائري.

وفي رسالة رسمية إلى رئيس الحكومة فرانسوا بايرو، اطلعت عليها صحيفة لوفيغارو، أمر ماكرون بتعليق العمل باتفاقية إعفاء التأشيرات الموقعة عام 2013 مع الجزائر والخاصة بجوازات السفر الرسمية والدبلوماسية، وهو ما يكرّس واقعاً مطبقاً منذ إعلان وزير الخارجية الفرنسي في مايو الماضي إعادة جميع الدبلوماسيين الجزائريين غير الحاصلين على تأشيرات، رداً على طرد الجزائر موظفين فرنسيين دون مبرر واضح.

وشملت توجيهات ماكرون تفعيل بند من قانون الهجرة الجديد لعام 2024، يسمح برفض تأشيرات الإقامة لحاملي جوازات السفر الوظيفية والدبلوماسية، كما أوصى بتكليف وزير الداخلية المتشدد برونو روتايو بإيجاد صيغ تعاون فعالة مع نظيره الجزائري، خصوصاً في ما يتعلق بالهجرة غير النظامية، داعياً إلى التحرك دون هوادة حيال الانفلاتات المسجلة في أوساط بعض الجزائريين المقيمين في فرنسا بوضع غير قانوني.

وفي بادرة مشروطة، لمح ماكرون إلى إمكانية السماح للقناصل الجزائريين الثلاثة المتواجدين حالياً في فرنسا بمزاولة عملهم، شريطة استئناف التعاون القنصلي والهجروي، وهو التعاون الذي سيحدد، بحسب الرئيس الفرنسي، مآلات الملفات الثنائية العالقة، من ديون المستشفيات إلى أنشطة بعض الأجهزة الجزائرية في فرنسا، وصولاً إلى ملف الذاكرة الذي لا يزال يمثل حجر عثرة في علاقات البلدين.

وتعكس هذه الإجراءات الفرنسية الجديدة شعوراً متزايداً بالإحباط من تعثر الحوار الدبلوماسي التقليدي، وميلاً نحو انتهاج سياسة أكثر صرامة إزاء الجزائر، التي تجد نفسها اليوم في عزلة متنامية على الساحة الدولية، خصوصاً بعد اعتراف باريس، ومعها قوى أوروبية وأفريقية وازنة، بمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط لحل نزاع الصحراء المغربية، مما زاد من تهميش الطرح الانفصالي الذي تسانده الجزائر.

وتفاقم التوتر بين البلدين منذ نوفمبر 2024 بعد اعتقال الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال في الجزائر، والحكم عليه بالسجن خمس سنوات، قبل أن تتصاعد الأزمة إثر توقيف موظف قنصلي جزائري في باريس في أبريل 2025 بتهمة التورط في اختطاف معارض جزائري، ما دفع الجزائر إلى طرد 12 دبلوماسياً فرنسياً، وردت باريس بالمثل، واستدعت سفيرها في إطار سياسة “المعاملة بالمثل” التي تحولت إلى عنوان لجمود العلاقات.

ورغم فترات من التقارب الظاهري، تعود الأزمات سريعاً لتطفو على السطح، وسط تعنت جزائري في ملفات حساسة، أبرزها الذاكرة الاستعمارية التي تطالب الجزائر بإعادة فتحها، بينما تفضل باريس طيّها تدريجياً دون مراجعة شاملة.

وفي ظل هذا المناخ، تبدو الجزائر محشورة في الزاوية، تواجه عزلة دبلوماسية غير مسبوقة، وتآكلاً في قدرتها على التأثير إقليمياً ودولياً، فيما تتحرك فرنسا لإعادة صياغة علاقتها مع شمال أفريقيا من بوابة الرباط، وليس من خلال الجزائر.

https://anbaaexpress.ma/cl85y

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى