في إطار فعاليات الملتقى الدولي لمغاربة العالم بقلعة مكونة في دورته الثالثة، شهدت القاعة الكبرى ندوة علمية فكرية رفيعة المستوى بعنوان: “الهجرة غير النظامية: الأسباب، التحديات، الآفاق ودور مغاربة العالم في التنمية”.
الندوة جمعت نخبة من الخبراء والفاعلين من داخل المغرب وخارجه، في نقاش معمّق حول واحدة من أكثر القضايا ارتباطًا بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة.
الدكتور محمد عبد الوهاب العلالي، أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، قدّم مداخلة محورية تمحورت حول الأبعاد الاتصالية للهجرة بين المحلي والعالمي، مستعينًا بمفهوم الغلوكاليزم (Glocalization) لفهم تفاعل الهوية المحلية مع المؤثرات العالمية.
وأوضح العلالي أن الهجرة ليست فقط انتقالًا جغرافيًا، بل هي أيضًا جسر تبادل للموارد المالية والفكرية والثقافية، يمكن أن يتحول – عبر التخطيط الاستراتيجي – إلى رافعة للتنمية المحلية المستدامة.
وشدد على ضرورة اعتماد إستراتيجية تواصلية واضحة مع الجالية، تشمل بناء قاعدة بيانات دقيقة، وإحداث قنوات تواصل رسمية، وتقديم مشاريع استثمارية جاهزة، مع التركيز على نقل الخبرات والكفاءات التي تزخر بها الجالية المغربية في مختلف دول العالم.
كما دعا إلى انتقال التحويلات المالية من دعم استهلاكي إلى استثمارات منتجة في مجالات مثل السياحة البيئية، والصناعات التحويلية للورد، والطاقات المتجددة، مع الحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز الانتماء للأجيال الجديدة.
إلى جانب مداخلته العلمية، أطر الأساتذ العلالي دورة تكوينية لفائدة المشاركين في الملتقى تحت شعار “أخلاقيات الصحافة ومحاربة الأخبار الكاذبة”، والتي لاقت تفاعلاً كبيرًا من الحاضرين. وتم تكريمه في ختام المناظرة الفكرية، اعترافًا بإسهاماته العلمية والاكاديمية.
الندوة عرفت أيضًا مشاركة كل من خالد أملوك، مدير الملتقى الدولي لمغاربة العالم، الذي سلط الضوء على دور الملتقى في خلق فضاءات للتفكير والعمل المشترك بين الداخل والخارج؛ وغزلان بنشقرون، منعشة عقارية وخبيرة في شؤون الهجرة بالولايات المتحدة الأمريكية، التي أبرزت أهمية استثمار خبرات وكفاءات مغاربة المهجر في التنمية المحلية؛ والحسين العمراني، إعلامي ومعد برامج إذاعية وتلفزية، الذي تناول البعد الإعلامي في معالجة قضايا الهجرة ومغاربة العالم.
وبين التحليل الأكاديمي والرؤية العملية، خرجت الندوة برسائل قوية مفادها أن مغاربة العالم ليسوا فقط جزءًا من الحاضر الوطني، بل هم شركاء أساسيون في صياغة مستقبله التنموي، شريطة بناء جسور تواصل مؤسسية ومستدامة تربطهم بوطنهم الأم.