أجرى الجيش المغربي الخميس الماضي في المنطقة الشرقية اختبارًا ناجحًا لصاروخ EXTRA الموجّه، في تجربة وصفت بالبارزة ضمن مسار تطوير القدرات الصاروخية بعيدة المدى للمملكة.
وبحسب مصادر صحفية متخصصة في اخبارالتسليح والدفاع، فقد تمكن الصاروخ، الذي يبلغ قطره 306 ملم ويحمل رأسًا حربياً يزن 120 كيلوغرامًا، من إصابة هدفه بدقة على مسافة 150 كيلومتراً.
هذا النجاح لا يقتصر على الجانب التقني، بل يضع المغرب ضمن قائمة الدول التي تمتلك قدرات قصف دقيقة يمكن أن تغيّر معادلات ميدانية وإستراتيجية في المنطقة.
الاختبار ترافق مع إعلان القوات المسلحة الملكية عن إدخال منصات الإطلاق المتعددة PULS، التي اقتنتها الرباط من شركة Elbit Systems الإسرائيلية، في إطار صفقة قيمتها 150 مليون دولار تنفذ على مدى ثلاث سنوات.
هذه المنصات تتيح إطلاق صواريخ EXTRA، إلى جانب صواريخ Predator Hawk ذات المدى الأبعد (حتى 300 كيلومتر)، ما يمنح الجيش المغربي أداة ردع مرنة وقابلة للتكيف مع طبيعة التهديدات.
ولا يقف التطوير عند الجانب التسليحي البحت، بل يعكس رؤية استراتيجية تسعى إلى تعزيز مفهوم السيادة الدفاعية في بيئة إقليمية متوترة.
فالمغرب، المحاط بتحديات جيوسياسية معقدة في الساحل جنوب الصحراء، ومع منافسة تسليحية متنامية في شمال إفريقيا، يبدو عازماً على كسر معادلة “التفوق التقليدي” عبر الاعتماد على التكنولوجيا الدقيقة والقدرات بعيدة المدى.
إن إدخال نظام PULS، بمرونته في إطلاق صواريخ موجهة وغير موجهة، يمثل انتقالاً من العقيدة الكلاسيكية إلى مفهوم الحرب الشبكية، حيث تتكامل أنظمة الاستطلاع، المراقبة، والإطلاق في منظومة متصلة تتيح سرعة القرار ودقة الضربة.
وهذا التطور ينسجم مع استراتيجيات الجيوش الكبرى التي باتت ترى في “النيران الدقيقة” بديلاً لتكديس المعدات التقليدية.
ورغم أن الصفقة مع شركة إسرائيلية قد تثير نقاشات سياسية، فإن دلالاتها العسكرية لا لبس فيها.. المغرب يكرّس لنفسه موقعا متقدماً في سباق التسلح الإقليمي، ويوجه رسالة واضحة بأن قدراته الدفاعية لم تعد محصورة في حماية الحدود، بل قادرة على امتلاك اليد الطولى في فضاءات أوسع.
بهذا المعنى، فإن التجربة الناجحة لصاروخ EXTRA ليست مجرد اختبار تقني، بل مؤشر على إعادة تعريف العقيدة العسكرية المغربية بما يتناسب مع طبيعة الصراعات الحديثة، حيث الردع يبنى على القدرة على الضرب بدقة من مسافات بعيدة، لا على مجرد امتلاك الجيوش الجرارة.