في مدينة الشمس والبحر، حيث يعانق الأطلسي شواطئ الجنوب المغربي، تتجدد ملامح الجمال يوما بعد يوم، لكن هذه المرة.. بريشة فنان وروح مبدع، أكادير المدينة النابضة بالحياة، تتحول إلى معرض فني مفتوح، تروى فيه قصص الأصالة وترسم فيه ملامح الهوية على جدرانها الصامتة، لتنبض بالحياة من جديد.
الجداريات التي زينت أحياء أكادير ليست مجرد رسومات عابرة، بل أعمال فنية تنقل المتأمل فيها إلى أعماق التاريخ والثقافة المغربية، فمن الطقوس المغربية الأصيلة التي تتجلى في جلسات الشاي ومراسم الضيافة، إلى تفاصيل البورتريه الأمازيغي الذي يُبرز جمال المرأة الأمازيغية بحليها وألوانها الزاهية، نجد أنفسنا أمام لوحات تنطق بلغات متعددة، لغة الجمال، ولغة الهوية، ولغة الإنتماء.
ولا تقف ريشة الإبداع عند حدود الإنسان والتراث، بل تمتد لتلامس الطبيعة، فترسم طيورا نادرة، وتذكرنا بثرواتنا البيئية التي تميز منطقتنا عن غيرها، وكأن الفنانين أرادوا أن يقولوا: “هذه مدينتنا.. موطن الإنسان والطبيعة والفن”.
وتعيد هذه الجداريات تعريف الفضاء العام، وتجعل من الجدران البيضاء صفحات تدون عليها ذاكرة المدينة وروحها، إنها ليست ترفا بصريا، بل رسالة فنية وثقافية تكرس حضور أكادير كواحة للفن، وكنز تراثي ينبض بالإبداع.
وتحديدا في لؤلؤة الجنوب وسط المملكة، تبرز أكادير اليوم كمدينة تجسد التقاء الماضي بالحاضر، بفضل جهود فنانين تشكيليين آمنوا بأن الفن قادر على إعادة الروح للحيطان، وأن الإبداع هو السبيل الأجمل للاحتفاء بالهوية المغربية المتنوعة.
وها تشكر الساكنة كل من ساهم في رسم ملامح هذا الجمال البصري، ولكل فنان جعل من المدينة معرضا فنيا تحت السماء المفتوحة.. فهكذا تصبح أكادير، كما عاهدوا، مدينة لا تشبه إلا نفسها.