في تطور قد يشكل نقطة تحول في الحرب الإسرائيلية على غزة، كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن ملامح صفقة يجري التفاوض بشأنها بين إسرائيل وحركة حماس، تشمل وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار يمتد لـ60 يومًا، على أن تُنفذ على خمس مراحل.
الصفقة، وفق مصادر إسرائيلية وفلسطينية مقربة من حماس، تتضمن إطلاق سراح عشرة رهائن إسرائيليين أحياء ونقل 18 جريحًا، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين وتسليم جثامين من قضوا في الحرب، في كل مرحلة من مراحل الاتفاق.
شروط وضمانات متبادلة
من بين الشروط الإسرائيلية، وفق الصحيفة، الامتناع عن إقامة مراسم احتفالية مصوّرة لإطلاق سراح الأسرى، كما سبق أن فعلت حماس خلال هدنة سابقة. وأضافت الصحيفة، نقلاً عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، أن الجهود الجارية تسعى لتوفير ضمانات لحماس بأن هذه الهدنة قد تشكل مدخلاً نحو وقف دائم للحرب، وهو ما يراه محللون مؤشراً على احتمال استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لتقديم تنازلات، رغم تأكيده في خطاب حديث عزمه “القضاء على حماس”.
توقعت مصادر دبلوماسية أن يكون نتانياهو مستعدًا للمخاطرة بتفكك ائتلافه الحكومي إذا تمكن من إنهاء الحرب مقابل مكاسب دبلوماسية محتملة في علاقات إسرائيل مع بعض الدول العربية.
مؤشرات على اختراق دبلوماسي
في السياق ذاته، أشار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى “مؤشرات إيجابية” بشأن إمكانية إبرام الاتفاق، مؤكداً استعداد إسرائيل لبدء محادثات غير مباشرة مع حماس.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد أعلن عبر منصة “تروث سوشيال” أن إسرائيل وافقت على شروط هدنة تمتد لشهرين، موضحاً أن وفداً أمريكياً أجرى اجتماعات بناءة مع مسؤولين إسرائيليين، دون كشف الأسماء، بينما أفادت تقارير بوجود المبعوث ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ونائب الرئيس جيه دي فانس في الاجتماعات مع الوزير الإسرائيلي رون ديرمر.
وأوضح ترامب أن قطر ومصر ستقدمان الاقتراح النهائي إلى حركة حماس، مشيدًا بدورهما الفاعل في جهود الوساطة، ومعبّرًا عن أمله في موافقة الحركة الفلسطينية على المبادرة.
مواقف حماس والعقبات
من جانبها، طالبت حماس بتعديلات على مقترح المبعوث الأمريكي، تشمل ضمانات بشأن انسحاب الجيش الإسرائيلي وتوزيع المساعدات عبر الأمم المتحدة، إلى جانب تعهد أمريكي واضح بإنهاء الحرب حال تنفيذ الاتفاق.
وتقدر إسرائيل وجود 50 أسيراً لديها في غزة، 20 منهم أحياء، بينما تحتجز في سجونها أكثر من 10,400 أسير فلسطيني، في ظروف توصف بالتعذيب والإهمال الطبي، ما تسبب في وفاة عدد منهم، حسب تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.
رغم المؤشرات الإيجابية، تبقى العقبات قائمة، أبرزها رفض إسرائيل لشروط حماس المتعلقة بانسحاب كامل من القطاع وإنهاء الحرب مقابل صفقة تبادل، إضافة إلى استمرار الغارات الجوية المكثفة، حيث أعلنت فرق الدفاع المدني في غزة استشهاد 47 فلسطينياً في الساعات الماضية.
حرب مستمرة ومعاناة متفاقمة
منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في استشهاد وإصابة نحو 191 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، ونزوح مئات الآلاف وسط دمار واسع في البنية التحتية ومرافق الحياة الأساسية في القطاع.
ورغم المبادرات والمفاوضات، لا تزال معاناة المدنيين في غزة مستمرة في ظل قصف لا يتوقف، وتحديات إنسانية متفاقمة، وسط ترقب حذر لنتائج هذه المحاولة الجديدة لإخماد نيران الحرب.