أفريقيامجتمع
أخر الأخبار

محمد خطاب الفرقاني الجزائري الأصل: أيقونة الدعم المادي واللوجيستي ونصير حركة التحرر الجزائرية والمبشر بالوحدة المغاربية من عمق الغرب المغربي

كل الرموز الوطنية بالمغرب وبكل من تونس والجزائر كانت في علاقة بهذا الرجل الذي سخر إمكانياته الذاتية في سبيل تحرير بلده الجزائر، ومنشدا سيمفونية وحدة المغاربيين

عبد المجيد بن شاوية

بفعل عمق الروابط التاريخية والحضارية التي تتشابك فيها الذوات والكيانات والمجتمعات المغاربية، وتتداخل فيما بينها كل مظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية والتاريخية..

منذ عهود بعيدة ضاربة في عمق التاريخ المغاربي، لا يمكن لأي كان منا أن يسحب بساط المشترك ولا نفي هذه العلاقات والروابط والأواصر البينية من تحت أقدام أي كان ينتمي لهذه البحبوحة الجغرافية، التي تمتد عبر التاريخ القديم والحديث.

وقد تكرست أيما تكريس بقدوم المعطى الروحي الديني إلى الأرض المغاربية بعد الفتوحات الإسلامية، فجمعتهم آصرة الدين الإسلامي في لحمة واحدة موحدة، ومن ثمة سمحت لساكنة هذه الجغرافية، في يسر، بالتنقل والعيش وممارسة كل أشكال الاجتماع الإنساني في كل بقاعها، من دون تشنجات ولا عراقيل مادامت الرابطة الروحية جامعة لمكونات الاجتماع الإنساني،

فكانت الهجرات من مكان إلى آخر، من بين عوامل تكريس الأواصر وتداخل عناصر الحياة الاجتماعية والثقافية الذهنية.. ناهينا عن عوامل أخرى، منها عامل المبادلات التجارية وعلاقات المصاهرة والروابط الزاوياتية، سواء في أزمنة اتسمت بالاستقرار السياسي والاجتماعي أو أزمنة عرفت أشكالا من التصادم الداخلي بين القوى المحلية المغاربية، أو في أزمنة التصادم مع الآخر، خصوصا في مراحل متأخرة من التاريخ المعاصر، بعد استنهاض القوى الأوربية والعمل على مشاريعها الاستعمارية الإمبريالية.

فحلول الاستعمار الأوربي بالمنطقة خلق ارتجاجات في البنى الاجتماعية، وذلك بعد بدء سلسلة من الاضطهاد والقمع وسياسية التنكيل الممنهجة من طرف السلطات الاستعمارية الغاشمة في حق الأهالي والقبائل، خاصة مع دخول الاستعمار الفرنسي للجزائر 1830، الأمر الذي جعل العديد من الجزائريين أن اتخذوا قرار مغادرة أراضيهم وأهاليهم إلى أماكن أخرى من الرقعة الجغرافية المغاربية، أو إلى بقاع أخرى، إما هربا من بطش السلطات الاستعمارية أو بحثا عن ملاذات آمنة لمسايرة حياتهم العادية، أو لتغيير البوصلة للعمل على دعم فعاليات المقاومة وعناصر الجهاد والنضال ضد الاستعمار الفرنسي.

ونستحضر هنا، في هذا المقام، شخصية هامة ضاقت ذرعا من الممارسات الاستعمارية الفرنسية، فقررت في ريعان شبابها أن تغادر الجزائر، وتهاجر بلدتها الأصلية في اتجاه المغرب، رغم أن المغرب بدوره في هذه المرحلة تحت نير الاستعمار الفرنسي، إنه شخصية محمد خطاب الفرقاني (وينطق الفركاني بثلاثة نقط فوق الكاف)، من يكون محمد خطاب الفرقاني؟ ما الذي دفعه إلى اختيار العمل السياسي والنضالي والمقاومة كاختيار لا رجعة فيه منذ ريعان شبابه؟ كيف تأتى له أن يعمل على دعم حركات التحرر المغاربية، خاصة حركة التحرر الجزائرية، ومدها بكل ما أوتي من قوة لبلوغ الأهداف المستقبلية، لأجل التحرير الكامل للأراضي الجزائرية من ربقة الاحتلال الفرنسي، و”كرجل وهب حياته وإمكانياته المالية الكبيرة لخدمة تحرير المغرب العربي”؟ ما الذي حمله على الإيمان بالقضايا المغاربية ومن ثمة بناء اتحاد مغاربي يضم المغرب والجزائر وتونس، الذي يرى برأيه أن هيكل المغرب العربي يتكون من ليبيا وموريتانيا بالإضافة إلى البلدان الثلاث المشار إليها؟.

والسؤال التاريخي الذي يطرح نفسه بقوة هو، أين نحن من تطلعات رجالات جيل على اختلاف مشاربهم مما نعيشه نحن أجيال اليوم بعد كل التضحيات والتحديات في بناء الوحدات الوطنية، ونشدان الوحدة المغاربية؟.

محمد خطاب الفرقاني من الميلية / جيجل إلى محطة استقراره بالغرب المغربي

لم تكن حياة محمد خطاب الفرقاني تختلف عن حياة باقي الجزائريين، حيث الاستعمار الجاثم على الصدور والخانق للأنفاس والمتربص بكل الأهالي والفعاليات والقوى هنا وهناك، إذ سيعيش مع إخوانه ويلات ممارسات السلطات الاستعمارية، منذ نعومة أظافره كما عاشها كل الجزائريين قبلا منذ 1830، فكان مولده يوم 30 أكتوبر 1904 وسط أعضاء قبيلته بني فرقان الواقعة ببلدية الميلية المختلطة.

حيث نشأ بين أقرانه يتلظى من جراء ممارسات الاستعمار المذلة للأهالي والقاضية على كل ذرة من كرامة وعزة نفس في ذات كل من يريد الاحتجاج أو مواجهة نظام وسلطة وقوانين الاستعماريين الفرنسيين، بنفس التحرر وغضب الثورة وحماسة الأحرار المقاومين والجهاديين، فكان أن أحس بأن شظف العيش يحاصره من كل جانب، وأن إمكانية العيش في منطقة ما انفكت قبضة من حديد للسلطات الاستعمارية تحكم بقوة لا هوادة فيها، إذ عرفت المنطقة العديد من المواجهات والانتفاضات ضد الاحتلال ومعاونيه، ففي هذه الأجواء من المظالم الصارخة والمصادرات والعنف والقمع المسلط على القبائل والأهالي، “وفرض الإتاوات الجماعية والحرمان من الحاجيات الطبيعية والملحة”، ترعرع الشاب محمد خطاب الفرقاني كما تحكي الروايات والشهادات التاريخية والوثائق المسجلة سواء بأرشيف المستعمر أو ما دون من طرف الأهالي وما احتفظ به في الذاكرة التاريخية للأهالي، أو ما أتى على كتابته من طرف الفعاليات الثقافية والفكرية والسياسية، وهو ما يخطه الراحل الدكتور فاروق عطية في كتابه المعنون بعنوان: سي محمد خطاب المبشر ببناء المغرب العربي.

ففي غمرة هذا الواقع المشحون بالمظالم وسياسات النظام الاستعماري الغاشم والغليان الشعبي الجزائري في عشرينات القرن العشرين، وفي ظل ظروف لم تسعف الطفل محمد خطاب أن يساير دراساته، سرعان ما توقف مساره عند نهاية الطور الابتدائي بالقسم الخاص بالأهالي بمدرسة الميلية، فكان مصيره مثل الكثير من أقرانه هو الشارع، ليشتغل بمقهى أخيه غير الشقيق، الشاب “الذي كان يحلم بفضاءات واسعة من الحرية والتعليم والكفاح ضد المستعمر” وجد نفسه في جو من الكآبة والشقاء والبؤس الذي يخيم على الأهالي، وبعد أن اشتد عود الراحل محمد خطاب الفرقاني، الذي كان يتأمل في صمت كل ما يجري في حياة الأهالي، وكل القصص والأحداث الأليمة التي تحكي مآسيهم وويلاتهم وما كانوا يكابدونه ويعانونه من جراء سياسات استعمارية رهيبة في حقهم، فكر أن يغادر الجزائر وأن يهرب “من طقوس البلدية المختلطة المحاصرة بطوق من القوانين والممنوعات والأحكام العبثية المسبقة والآفاق المسدودة..” بحثا “عن أفضل سبل الخلاص والتحرر من المغتصب (الكافر) ومن نير الاستعمار”، أسوة بأخيه رابح الذي يكبره سنا، المزداد سنة 1895، الذي كان متشبعا بالحس الوطني، فكان رابح يأمل أن يحصل على شهادة عليا في مشواره الدراسي، إلا أن رياح غليان الحماسة الوطنية ستعمل على إيقاف وفرملة مشروعه وطموحاته الثقافية والفكرية..

حيث شارك في تظاهرة قسنطينة مرددا “شعارات وطنية قوية بصوت عال أمام أحد مسؤولي البلدية الذي كان يتفوه بألفاظ استعمارية”، ف “شرعت السلطات في البحث عن ذلك الشاب الذي تجرأ على الصراخ عاليا وبقوة على الملأ مرددا ألفاظا (متمردة) ومعبرة عن الظلم والبؤس الذي يكابده إخوته من (الأهالي)، لكن بدون جدوى”.

فما كان على رابح خطاب بعد الوشاية به، وبعد حصوله على شهادة من مدرسة الثانوية المختلطة بقسنطينة التي دشنت في 25 أبريل 1905 (موكولة لها في برنامجها تكوين إطارات مسلمة في دورات التعليم من أربع سنوات) إلا أن يغادر الجزائر سنة 1919 في اتجاه فاس بالمغرب، عملا بنصيحة الأستاذ صالح بلعابد محملا إياه رسالة إلى أحد الجزائريين المقيمين في المغرب السيد (بن وطاف)، والذي كان له الفضل في حصوله على الشهادة بعد أن التف على إدارة المدرسة بطريقة تخفي مشاركته النضالية، حيث إن إدارات السلطات الاستعمارية لن تفتح له أبدا أبواب مجال التوظيف في أحد أسلاكها مادام أنه قد أشعل فتيل التمرد والتظاهر والمشاعر الوطنية بالمنطقة رفقة مجايليه ومعاصريه، ومن ثمة استطاع رابح بعد وصوله مدينة فاس أن يحصل على وظيفة ترجمان محلف بفضل علاقاته وشهادته، فما كان على الأخ رابح بعد استقراره بمدينة فاس إلا أن يعمل على استقدام أخيه محمد خطاب سنة 1921.

حيث لم يطل مقام الشاب محمد خطاب بفاس طويلا، فتوجه إلى مدينة مراكش المغربية ليمتهن البيع والشراء في سلعة الأحذية بلا كعب، تنقل من سوق إلى سوق، فتح متجرا صغيرا للقيام بأعماله التجارية، إلا أنه لم يهدأ له بال، حيث كان يحلم أن يكون إلى جانب كل الثوار والمقاومين والمجاهدين، فأراد الانخراط إلى جانب حركة المجاهد عبد الكريم الخطابي بالريف، “لكنه تعرض للرفض من طرف الريفيين بسبب نقص تجربته في القتال ولصغر سنه”، وفي خضم هذه السنوات ما انفك أن يساير أحلامه وتطلعاته وتطوير تجاربه ورغبته في الرقي الاجتماعي بعد أن خسر معركته في مشواره الدراسي وحرم من التحصيل العلمي والثقافي والمعرفي، وبالتالي حصوله على ىشهادة عليا، بسبب الوضع المأساوي والجو السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكل آليات التفقير والتنكيل الممارسة من طرف السياسات الاستعمارية الفرنسية تجاه أهالي البلدة وغيرهم من ساكنة المناطق الأخرى من البلاد، وفي بلدان أخرى من مستعمرات فرنسا.

لم تتوقف رحلة الشاب محمد خطاب عند مدينة مراكش، فقرر أن يغادرها نحو شمال المغرب سنة 1925، ليشتغل محاسبا في شركة فرنسية للإيجار الزراعي في بلدة أحد الكرت (أجد كورت) بمنطقة الغرب المغربي، “كانت هذه الأخيرة تبحث عن الانسحاب من المغرب بسبب تزايد انعدام الأمن ونقص الأرباح. اقترح مسؤولوها في مرحلة أولى على محمد خطاب أن يؤجروا له الأراضي عارية بصيغة البيع بالإيجار على أن يتولى دفع ثمنها على عدة أقساط”، وهو ما تحقق له ليبدأ العمل في الأرض دون إمكانيات حرثها وزرعها، حيث سيتوجه صوب أحد اليهود المسمى مرغي لمده بالبذور اللازمة في فلاحة أراضي تقدر ب 400 هكتار، إلى حين أن يتحصل على المحاصيل الزراعية واسترداد ما به من ديون لليهودي، وبهذا قد فسح له المجال للمزيد من الاجتهاد في مشاريعه الفلاحية رغم قساوة الظروف في بعض الأحيان، ورغم الأزمات التي كان المغرب يمر بها من حين لآخر، إلى أن لقب بـ “سلطان الحمص” بسبب تعاطيه لزراعة هذه البذور بنسبة كبيرة من الأراضي المحروثة والمخصصة لها، وبعد أن توفرت له الإمكانيات المالية والمادية شرع في شراء أراضي بعدد من بلدات منطقة سهل الغرب المغربي، ذي الجغرافية المنبسطة والعوامل الطبيعية المساعدة على تنمية المشاريع والزراعات الفلاحية المختلفة، فلديه مزارع وأراضي بالخنيشات وسيدي اسليمان..

إذ أصبح يعد من كبار الملاكين بمنطقة الغرب المغربي بالمغرب، هذا الجزائري المهاجر الطموح بات يحسب له ألف حساب بالمغرب، خاصة بعد أن دخل في علاقات مع عناصر حركات التحرر الوطنية المغربية والجزائرية، وبشهادة المستشرق والفيلسوف جاك بيرك كما رواها الدكتور فاروق عطية في كتابه السالف الذكر، حيث “أوضح لنا، أن هذا الجزائري المشتبه فيه على أكثر من صعيد، كان له الشرف أن يكون مسجلا ومتابعا منذ 1935 بتهمة معاداة الاستعمار الفرنسي. وللتذكير كان بيرك يعمل في تلك الفترة  كمتصرف إداري مدني في أحد كورت..”.

إن محمد خطاب الفرقاني هو من النوع الذي كون نفسه بنفسه، تميز بالعصامية منذ خطواته الأولى في مسار طموحاته التي أملها مستقبلا، كون ثروة هامة حقق بها صعوده درجات السلم الرقي الاجتماعي والمادي، ومن ثم دخوله معترك السياسة والنضال في صفوف الحركة الوطنية الجزائرية والمغاربية عموما، جعل المال والاقتصاد والثروة المادية بوابة مشرعة للمساهمة في مسارات الجهاد والنضال السياسي ضد النظام الاستعماري الفرنسي، فكان له أفضال عظيمة على حركة التحرير الجزائرية والمغاربية، وفي المجال الثقافي والفكري والتربوي والتعليمي..

ليطرح السؤال التالي، كيف اهتدى محمد الخطاب الفرقاني إلى توجيه بوصلته اتجاه دعم ومساندة حركة المقاومة الجزائرية وهو المواطن المهاجر والمبعد عن جذوره الأصلية، الذي لم يتخلص من الذاكرة الموشومة بالعديد من الأحداث والوقائع المؤلمة سواء على المستوى الذاتي أو على المستوى الجمعي، أو ما يعيشه في حاضره بين إخوانه المغاربة الأشقاء؟

محمد خطاب الفرقاني: من مزارع إلى رقم صعب في الحركة الجزائرية والمغاربية والمبشر بالوحدة المغاربية 

“لقد حيا سي محمد خطاب الذي كان قد غادر الجزائر في 1920 مدفوعا بالوطنية، بكل تأثر طلقات البارود الأولى، وعلى الفور تم بتجنيد موارده الكثيرة لفائدة المعركة وهو يعلم جيدا أنه بدون المال لا يمكن للثورة أن تتواصل وهو الذي عمل على مساعدة أغلب الأحزاب السياسية في شمال إفريقيا وناضل من أجل استقلال المغرب وتونس بلا هوادة”.

لقد نسج محمد خطاب علاقات عديدة مع كافة الأقطاب والأحزاب السياسية والفعاليات التحررية في كل من المغرب والجزائر وتونس، ساهم في هذه العلاقات عامل من أهم العوامل الداعمة لتحركاته ألا وهو عامل الثروة والمال اللذين تحصلهما من خلال مشواره الفلاحي والتجاري، مما ساهم في دعمه ومساندته لقوى الكفاح والنضال ضد الاستعمار، أيضا عمل على دعم الفعاليات الثقافية والدينية والفكرية والتعليمية والتربوية بالجزائر.

كل الرموز الوطنية بالمغرب وبكل من تونس والجزائر كانت في علاقة بهذا الرجل الذي سخر إمكانياته الذاتية في سبيل تحرير بلده الجزائر، ومنشدا سيمفونية وحدة المغاربيين، أملا في وحدة مغاربية فعلية بين دولها وأنظمتها وشعوبها، لم يغب أي رمز من رموز الكفاح السياسي والمسلح عن دائرة علاقاته المتعددة، فقد كان في علاقة جد وطيدة مع السلطان المغربي محمد الخامس وكل دوائره المحاطة به، ومع ولي العهد آنئذ الحسن الثاني، علاوة على رموز جيش التحرير المغربي ورجالات الحركة الوطنية بكل أطيافها، حيث كان حلقة وصل بين القصر والحركة الوطنية المغربية وبين حركة التحرر الجزائرية بكل رجالاتها، فاستمال بكل ما أوتي من دهاء وتبصر كل الوطنيين المغاربة لأجل خدمة القضية الجزائرية.

 ففي هذا الإطار تأتي شهادات وتصريحات من عدة شخصيات في عالم السياسة والفكر تشيد بشخصية هذا الرجل الذي نذر ذاته وثروته لخدمة قضية التحرير والكفاح ضد الاستعمار الفرنسي لإجلائه عن بلده وكل بلدان المغرب العربي.

منصور بوداود {المكلف بالإمداد في المغرب} “كان وفيا لأصدقائه ولوطنه وللمغرب”.

موري {مالك نقليات موري} “رجل متواضع لا يتنصل من ماضيه. لويس الرابع عشر شيد فرساي وسي محمد صنع خنيشات” وهنا إشارة إلى الفضاء الجغرافي الخنيشي الذي كانت به إحدى ضيعاته إلى جانب أحد كورت التي تبعد عن الخنيشات ب 23 كلم.

مفدي زكريا {شاعر ملتزم وكاتب كلمات النشيد الوطني}: “عندما أرى سي محمد، وكأنني رأيت ليلة”.

عمر بوداود {اتحادية فرنسا} “رجل عظيم جدا، تمكن بواسطة عمله من تكوين ثروة ضخمة، لقد بقي محافظا على وطنيته كما كان في مستوى الثقة التي وضعت فيه، وكان على استعداد للقيام بكل ما نطلبه منه، رجل د متفتح ودافئ العواطف وجد متواضع”.

سعد حلب {وزير الشؤون الخارجية للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.. وسفير المغرب} “إنه أحد أكبر خدام الأمة ومخلصا لوطنه روحا وجسدا، سخر جميع الإمكانيات التي يتوفر عليها في خدمة تحرير المغرب..

كان جد مقربا من السلطان محمد الخامس، وكان يتدخل في غالب الأحيان لجيش التحرير الوطني والحكومة المؤقتة الجزائرية.. وفي بداية 63 عينت سفيرا في الرباط وكان هو من يتولى تسهيل مهمتي في الأوساط المغربي.

رجل ذكي، متعاون ومحسن للجميع، رجل عصري وتقليدي في نفس الوقت، كان شديد الحفاوة وصديقا وفيا ومثابرا في صداقته ولم يكن أسيرا للمال لكنه يعرف كيف  يفيد به من يستحقونه..”

محمد السعيد: “لقد أكلت لدى سي محمد خطاب، إنه مسلم جيد تجتمع فيه جميع الصفات، وطني جيد أعطى كل ما يملك للمغرب العربي وللجميع (الأموال والمؤونة والسلاح إلخ..)، كان بابه مفتوحا وكرس نفسه لبلده”. السلطان محمد الخامس: “عندما يظهر سي خطاب في القصر، أدرك سلفا أنه جاء من أجل التدخل لفائدة الجزائر في حالة حرب”.

 موهوبي مصطفى {صناعي}: “لقد ترك لنا سي محمد خطاب ذكرى وطني ومقاوم كبير. صفاته الإنسانية ووطنيته المغاربية ومساعدته المالية والمادية والمعنوية لثورات البلدان الثلاثة قبل وبعد 1954 تجعله رجلا متميزا”.

مولود بلهوان {رئيس الهلال الأحمر الجزائري}: “كل الناس يذهبون إلى كون سي محمد منح المال للجميع. وهو يغادر بلده فقد جنسيته ليصبح مغاربيا”.

بن خدة بن يوسف {رئيس سابق للحكومة الجزائرية المؤقتة}: “كان سي خطاب رجلا نشيطا ومتطوعا، سمعت عنه وعن تبرعاته من قبل، عن التزامه وعن وطنيته فلب أن أتعرف إليه بالمغرب، أجهل شخصيا جزءا من عمله نظرا للتداخل الذي كان سائدا”.

بوعلام باقي {وزير سابق للشؤون الدينية والعدل}: “سي خطاب ليس ملكا لعائلته فقط بل هو هي ملك لنا جميعا” .

هواري بومدين {رئيس جزائري}: “ستبقى الجزائر إلى الأبد تعترف لك بما قدمته من أجلها، فالشعب الجزائري لن ينسى أبدا”.  

بوالوصوف {مؤسس المخابرات الجزائرية}: “من يستطيع نسيان سي محمد خطاب الذي أعطى للمغرب العربي كل شيء، لقد فقدنا فيه دعامة للثورة”.

الشرقاوي {سفير المغرب في باريس ووزير سابق}: “لقد فقدنا فيه الرجل الذي حقق المغرب العربي، فالكثير من رجالات الدولة في المغرب مدينون له”.

الشيح البشير الإبراهيمي {رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين}: “رجل معطاء لا مثيل له، سخر ثروته لخدمة رعايا الله خدمة المصلحة العامة لجاليته ولوطنه الثاني اعترافا بجميله ولوطنه الأول بدءا بالأقارب وأصدقاء الطفولة وانتهاء بالأعمال الخيرية”.

العقيد أوعمران {رئيس سابق للولاية الرابعة وعضو الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية}: “لقد أنفق الفقيد سي محمد خطاب جزءا كبيرا من ثروته من أجل التحرير الوطن، تبرعات، الدفاع عن المصالح العليا للجزائريين في المغرب وحمايتها”.

 الدكتور الخطيب {مسؤول جيش التحرير في المغرب ووزير سابق}: “سي محمد خطيب شخصية سياسية من مستوى عال، له حضور كبير في جميع الأوساط، لعب دورا كبيرا في بناء المغرب العربي”.

فرحات عباس {أول رئيس للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية}: “لقد فقدت الجزائر في شخصه منشطا كبيرا لحرب التحرير الوطني.. لقد كان سي محمد خطاب رجلا فعالا وثمينا على المستوى اللوجيستي ونقل الأسلحة والمساهمة الحاسمة”.

جاك بيرك {مفكر فرنسي}: “كنت متصرفا في حد الكورت بالمغرب وتعرفت إلى سي محمد خطاب، كان سخيا ومتطوعا في العمل ويوجد في القائمة الحمراء بصفته وطنيا معروفا”؟

 كل هذه الشهادات تجمع إجماعا مطلقا كون شخصية محمد خطاب الفرقاني، شخصية مقاومة، ورجل المهام الصعبة والمتداخلة، رجل مميز في كل شيء، شخصية متفردة في مجالات عدة، اقتصاديا، سياسيا اجتماعيا..

حتى في علاقاته العادية، وهو ما يشهد له حتى من كان أجيرا من البسطاء في ضيعاته بالغرب المغربي، معطاء بلا حدود، سخر إمكانياته في كل اتجاه، دعما ونصرة ماديا ومعنويا لوطنه الأم، ولكل شعوب المنطقة، إيمانا منه بقضاياها العادلة أمام غطرسة النظام الاستعماري الفرنسي، وإحسانا وخيريا، فبنى مدارس ومساجد، فعد من كبار المحسنين والمتطوعين في سبيل الثقافة والعلم والدين، بحكم علاقاته مع جمعية العلماء الجزائريين المسلمين وبفعالياتها الرائدة، وكذا دعمه للطلبة “كان نشاط سي محمد يرتكز أساسا على وطنية تنطلق من خلفية وفائه للإسلام والعلماء  حيث يلتقي شعوره الديني مع وطنيته المتأججة.

وحتى قبل  1594كان يشتهر بصفة ذلك الوطني الشغوف بالمساعدة على ميلاد مشروع يتمثل في: إيجاد نخبة قادرة على تعزيز المطامح العميقة للشعب الجزائري مما يفسر دعمه النزيه والمستمر للعلماء  والطلبة ولغيرهم”، ولم يدخر وسعا في سبيل توحيد الرؤى والتصورات لبناء المغرب العربي.

 الخاتمة

عند تناول شخصية الراحل محمد حطاب الفرقاني يطرح التساؤل العريض جدا، هل لقيت هذه الشخصية المميزة الاعتراف البين في منظومة الجزائر بعد الاستقلال والانعتاق من نير الاستعمار الفرنسي، من طرف من مسكوا زمام أمور السلطة والنظام في الجزائر؟ إنه السؤال الحارق والمؤرق حين يتم النبش في مسار هذه الشخصية في علاقاتها بكل فعاليات النظام الجزائري منذ بداية فترة الاستقلال، ففي غالبيتها اتفق العديد على إبعاد الراحل من منظومة الحكم والسلطة، بل هناك من تنكر له في واضحة النهار قبل الليل، وكأنه لم يقدم شيئا، مع أن كل الشهادات في حقه تجمع عليه كونه قدم الغالي والنفيس في سبيل التحرير الوطني الجزائري وفي سبيل بناء المغرب العربي.

فالراحل سي محمد خطاب الفرقاني، رجل قلّ نظيره في زمانه وبعده، رجل كرس حياته وجهده وثروته الكبيرة من أجل تحرير المغرب العربي من نير الاستعمار الفرنسي. إسم لامع في تاريخ المقاومة الوطنية من أجل الحرية وأحد كبار المحسنين والخيرين في المغرب العربي بلا منازع في ميدان نشر التعليم والتنشئة على القيم العربية الإسلامية.

لقد كادت إسهامات هذا الرجل في تحرير المغرب العربي والجزائر على الخصوص أن تتعرض للطمس والنسيان بفعل فاعل لولا مبادرة الدكتور بن عطية من خلال هذا الكتاب بعنوان: سي محمد خطاب المبشر ببناء المغرب العرب، الصادر عن ديوان المطبوعات الجامعية بالجزائر في جوان 1991 باللغة الفرنسية.

فالراحل في الحقيقة، شخصية متفردة في خصوصيتها ومسارها ولا يمكن مقارنته بأحد في عهده، لذا وجب اعتبار عمل الدكتور فاروق بن عطية بمثابة إنصاف للرجل وخطوة أولية على طريق تصحيح مسار التاريخ وتحريره من المحاباة والانتقائية والكتابة على المقاس تبعا لمزاج أسياد اللحظة”.

 الهوامش

تمت كتابة هذه المقالة اعتمادا على كتاب الدكتور فاروق بن عطية بعنوان: سي محمد خطاب الفرقاني، المبشر ببناء المغرب العربي، ديوان المطبوعات الجامعية، سنة 1991، ترجمة جناح مسعود.

التصريحات والشهادات مدني بها الكاتب ومترجم الكتاب جناح مسعود، في حق الراحل محمد خطاب الفرقاني الذي وافته المنية في جنيف في شهر أوت / غشت سنة 1964، حيث أقام له الحسن الثاني جنازة رسمية بالرباط. 

* كاتب مغربي 

https://anbaaexpress.ma/zv2jz

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى