الشرق الأوسطسياسة
أخر الأخبار

بايدن 2 الأوكراني.. و عراق 2025 قابل للاشتعال بحرب أهلية “تحليل”

المليشيات الإيرانية في العراق تلطم بقبر السراي و تطبُر رأسها بالهاشمي

سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أوكرانيا شبيهة بلعبة الترامبولين. حاول فيها أن يحرق السُعرات الأوروبية الزائدة كي يكسب البروتين الروسي الذي تحتاجهُ واشنطن لسياسة “التوجُّه شرقاً” نحو الصين.

لكن الإعلان الأخير للسيد ترامب بخصوص تزويد أوكرانيا بأسلحة أمريكية مدفوعة الثمن من الاتحاد الأوروبي، يُثبِت لنا بأنَّه رئيس أمريكي كلاسيكي جدَّاً بفمٍ غير تقليدي. الرؤساء الأمريكيون منذُ عهد أوباما قرروا بأنَّ روسيا ما عادت تستأهلُ في حساباتهم إلَّا أن تكون “دولة إقليمية كُبرى”.

ترامب لم يُغيَّر شيئاً من التقييم. ظاهرياً، استخدم روسيا كقدمين إضافيتين لتقصير المسافة الصينية. عملياً، كان ينتظرُ ارتخاء بروكسل جيباً.

الاتحاد الأوروبي سيكون مضطراً أوكرانياً لتمويل عقود شراء و تطوير أسلحة من المجمع الصناعي الأمريكي. هذا الاضطرار قد يمتدُ عقداً من الزمن لأن واقع الميدان الذي تعيشهُ كييف يحتاجُ تكنولوجيا عسكرية فائقة لتعطيل الزخم الروسي، و بروكسل تحتاجُ وقتاً و موارداً ضخمة حتى تُنجز نُسخة أوروبية من المجمع الصناعي الأمريكي، بالإضافة إلى أنها بطيئة القرار بسبب داء المفاصل البيروقراطي.

أداء ترامب في السياسة الخارجية ممكن تأطيرهُ بالجملة التالية “جاء إلى السياسة ترامب لكنه استوى بايدن”. و لهذا وصف البروفيسور الأمريكي جون ميرشايمر أدائه الأوكراني المتوقع خلال السنين القادمة بالقول “بايدن 2”. ما يُسبِّبُ الحيرة هو أدائه الإعلامي الذي يشبهُ نبيذاً مُعتَّقاً في برميل اليمين الأمريكي، لكن فعله السياسي ينامُ في قنينة مؤسسات أمريكية تسكن في القبو التاريخي للبلاد لا في منتجع مارالاغو.

أمّا الضجَّة بخصوص مصافحة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لنظيره الروسي سيرجي لافروف، وحوارهما على هامش جدول أعمال قمَّة الآسيان المُنعقِدة في العاصمة الماليزية فقد كانت لا تعدو سوى كونها بوليصة تأمين ضد أي نوبة عناد من جيب بروكسل، و تخفيف تداعيات ضربة أوكرانية جديدة و محتملة جدّاً ضد روسيا حالما يصبح السلاح الأمريكي المدفوع ثمنهُ أوروبياً في قبضة كييف. هذا الأداء النوعي يجب أن يشبهُ عملية شبكة العنكبوت في الأول من يونيو الماضي.

عندها سيتصلُ الرئيس ترامب بالرئيس الروسي و يحييه “كيف حالك يا عزيزي بوتين في أوكرانيا؟” مُغرِّداً بعد ذلك “لقد استطاعت الطائرات الأمريكية التي نقلت السلاح لأوكرانيا أن تقوم بضربة خارقة ضد روسيا.

اتصوَّر بأنَّ موسكو ستجلس على طاولة المفاوضات خلال الأسبوع القادم، و على الرئيس بوتين أن يستغل الفرصة لكنني لستُ مهتماً إن لم يقٌم ذلك”.

لا تتصوَّر أيها القارئ إنَّي هنا “ذبابة جدار” كانت تجثم على الحائط الخلفي للمكتب البيضاوي للرئيس الأمريكي و لهذا هي تعرِف ما سيقوله أو سترى ما سيكتبُه.

إنَّما أقدِّمُ لك هنا “نبوءة جدار” استشرِفُ بها نوعية المفردات التي سيستخدمها بناءً على تصريحاته السابقة. عموماً، أيها القارئ أنت حر في اختيار الجدار، و لِسان ترامب أكثرُ تحرراً من كُل الحيطان في العالم.

أداء الرئيس يمكن التعبير عنه بما يشبه برقية تلغراف “ادفعي يا بروكسل من أجل كييف. عزيزتي موسكو خففي من وزنكِ الصيني لتكسبي عضلاً أمريكياً. العزيزتان قوما بذلك لتقليل العجز الجيواستراتيجي في مدفوعات سياستنا الخارجية”.

طبعاً، كييف مُجرَّد نقطة نراها بسبب الحضور الإعلامي الضخم للرئيس فولوديمير زيلينسكي.

بعيداً عن عالم الفيلة التي تعيش عبر الأطلسي و في موسكو و بكين، أعود إلى بغداد مع رسالة ترامب إلى رئيس الحكومة العراقية بخصوص التعريفة الجمركية المفروضة على واردات البلاد إلى الولايات المتحدة. لا يهمني من تفاصيل الرسالة هنا إلَّا إفصاحهُا ضمنياً بأنَّ النظام سيبقى سليماً حتّى آخر قطرة دمٍ عراقية.

جو بغداد البديع ترامبياً، لم يمنع في هذه الأيام قيام وسائل إعلام محلية ببثِّ أخبارٍ كاذبة، منسوبة للجنرال الإيراني محسن رضائي يُحذِّرُ فيها من تحضير الموساد الإسرائيلي لاغتيالات تطالُ العشرات من الشخصيات السياسية العراقية، لتعطيل الانتخابات المزمع إجرائها في نوفمبر القادم.

الهدف، هو التضييق على المساحات الإعلامية و الخطاب السياسي الذي قد يُطيح بحظوظ الفواعل السياسيين المزمنين.

الطريقة المتبعة هي قيام إحدى تلك المنصات الإعلامية بفبركة الخبر، ليدخل بعدها في دورة حياة عدَّة مواقع إلكترونية. جميعُ تلك المنصات و المواقع لا تذكرُ لك المصدر بل تعود لتصنعه هي.

و من أجلِ مزيدٍ من “الحقيقة” يقوم جِناح حاملو سلاح المقاومة ضد الشعب العراقي، بهدم قبور الأموات مثلما حصل مع قبر الناشط التشريني صفاء السراي.

الذباب السوشيالي مجهول النسب المليشياوي قام بدوره هو الآخر، سرِّب الاعتراف الصريح لقاتل الباحث هاشم الهاشمي. يريد جميع هؤلاء صناعة لافتة تحذير رمزية “نحنُ قتلة و أنتم أيها العراقيون مقتولون مؤجَّلون”.

عملية الفبركة الجارية لجئت أيضاً إلى اتهامٍ دولٍ عربية، بدون ذكر مصادر إعلامية لتلك التُهم المُزيَّفة، أو الإشارةُ إلى مصادرٍ لا يوجد فيها سند لتلك المزاعم. يقوم بعدها رجل دين وطني جدّاً بتغليف ذلك الكذب بالقول” أنها معلومات و تسريبات إعلامية”.

المليشيات قرَّرت اليوم كما يبدو أن تعود بالعراق من 2025 إلى عام 2006 – تفجير المرقدين في سامراء – كي تحرق ما تبقى من العباد كما حرقت البلاد. لا أعرف لماذا تستنزف طاقات الدجل الإعلامية لديها. أقسمُ لهم “أنتم فائزون و نحن خاسرون. الأسفلون أنتم و نحن الأعلون”.

أقسمُ لكم بأنكم شيء لا شبيه له في التاريخ.

https://anbaaexpress.ma/oen5i

مسار عبد المحسن راضي

كاتب صحافي وباحث عراقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى