حديث الساعةسياسة
أخر الأخبار

الجزائر تلعب بالنار: دعم صريح للانفصال في المغرب وسط سخط داخلي وتنديد حقوقي واسع

فقد عبّر العديد من الحقوقيين الجزائريين عن سخطهم من ازدواجية المعايير، حيث يُقمع المعارضون في الداخل، وتُغلق المنابر في وجوه الأحرار، بينما يُفرش البساط الأحمر أمام دعاة التفرقة والانفصال

في خطوة متهورة تعكس عمق الارتباك السياسي والدبلوماسي الذي يعيشه النظام الجزائري، إحتضنت الجزائر العاصمة ندوة دولية مثيرة للجدل نظمها ما يُعرف بـ”الحزب الوطني الريفي”، وهو كيان انفصالي يطالب علنًا بانفصال منطقة الريف عن المملكة المغربية.

هذه الندوة، التي تم الترويج لها تحت غطاء حقوق الإنسان، لم تكن في جوهرها سوى واجهة مفضوحة لتدخل جزائري جديد في الشأن الداخلي للمغرب، ومحاولة يائسة لتصنيع ورقة انفصال موازية، بعد اهتراء خطاب جبهة البوليساريو الإرهابية أمام تنامي الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي.

وحملت الندوة عنوان “وضعية حقوق الإنسان في الريف المحتل”، في تكرار لنفس الأسطوانة التي ما فتئت ترددها ميليشيا البوليساريو بقيادة المجرم “إبراهيم غالي“، المطلوب للعدالة الدولية بتهم جسيمة تتعلق بجرائم ضد الإنسانية.

حيث اتهم المتحدث باسم هذا الحزب الانفصالي، “يوبا الغديوي“، الدولة المغربية بارتكاب “جرائم ضد الشعب الريفي”، مدعيًا “حق تقرير المصير”، في تجاوز سافر للمواثيق الدولية التي تُجرّم التحريض على الانفصال والتدخل في سيادة الدول.

الجزائر تُقايض الداخل بالدعم الخارجي للانفصال

لكن هذه المسرحية السياسية، التي تم إعدادها برعاية مباشرة من الأجهزة الجزائرية، قوبلت برفض داخلي متصاعد.

فقد عبّر العديد من الحقوقيين الجزائريين عن سخطهم من ازدواجية المعايير، حيث يُقمع المعارضون في الداخل، وتُغلق المنابر في وجوه الأحرار، بينما يُفرش البساط الأحمر أمام دعاة التفرقة والانفصال.

وفي هذا السياق، أفادت مصادر أنباء إكسبريس، أن الناشط الإسلامي البارز “علي بلحاج” مُنع من التعبير عبر الإعلام الرسمي، بعد أن حاول التنديد بهذا الانحراف الخطير في المواقف الجزائرية، و دعم الانفصال الذي يساهم بشكل مباشر في زعزعة استقرار المنطقة المغاربية.

وجدير بالذكر، علي بلحاج، هو أحد مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ، تعرّض كما هو معتاد للتضييق، في مشهد يعكس المفارقة الحادة بين قمع الداخل وتلميع الخارج.

وللإشارة، هذا التناقض الفج يُعرّي مجددًا ما سبق أن أبرزناه في مقالنا الأخير: “تبون تحت المجهر: رئيس يرعى الانفصال ويغذي التطرف في شمال إفريقيا“، حيث أكدنا أن سياسة الجزائر التوسعية ليست مجرد مواقف منعزلة، بل هي جزء من إستراتيجية خطيرة لتفكيك المنطقة المغاربية وتغذية الصراعات المسلحة في الساحل

كما أن تأسيس ما يُسمى بـ”الحزب الوطني الريفي” في بروكسيل سنة 2023، ثم فتح تمثيلية له في الجزائر العاصمة، وما رافق ذلك من دعوات للتنسيق مع جبهة البوليساريو، المليشيا الإرهابية، ليس سوى محطة إضافية في مشروع جزائري ممنهج يهدف إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي.

وتؤكد المعطيات الميدانية أن النظام الجزائري، من خلال أموال الغاز والصفقات العسكرية المشبوهة، يواصل تمويل تحالفات خفية تُغذي الانقلابات والجماعات المسلحة في الساحل، كما هو الحال في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في تكرار لنفس الأسلوب التخريبي الذي يهدد أمن دول الجوار والمنطقة الإفريقية ككل.

دق ناقوس الخطر.. إنذار حقوقي وأمني عاجل

إن استمرار النظام الجزائري في توظيف الانفصاليين كأدوات جيوسياسية يقوّض القانون الدولي ويشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الجماعي في شمال إفريقيا.

فهذه السياسات العدوانية لا تؤدي سوى إلى توسيع رقعة الفوضى، في الوقت الذي تتزايد فيه الأصوات الدولية المطالِبة بتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية.

وفي المقابل، يعاني الشعب الجزائري من تضييق مستمر على الحريات، وانسداد في الأفق السياسي، وتهميش ممنهج للمعارضين، بينما تُهدر الثروات الوطنية في مشاريع وهمية هدفها إضعاف دول الجوار وتشتيت الأنظار عن أزمات الداخل.

نرفض بشدة سياسة تصدير الأزمات وشرعنة الانفصال

نحن في هذا السياق نُندد بقوة بهذا الانحراف الخطير في السياسة الخارجية الجزائرية، ونُحمّل النظام الجزائري المسؤولية الكاملة عن كل ما يمسّ بوحدة واستقرار المملكة المغربية والمنطقة المغاربية ككل.

وندعو كافة الهيئات الحقوقية والسياسية الدولية إلى:

– فتح تحقيق مستقل في تمويل الجزائر لكيانات انفصالية خارج أراضيها.

– رصد ومراقبة الدعم اللوجستي والسياسي الموجه إلى ميليشيات خارج القانون.

– إلزام الجزائر باحترام مبدأ حسن الجوار وقرارات الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.

ختامًا، إن النظام الجزائري يلعب بالنار، وتداعيات هذا اللعب لن تقف عند حدود المغرب، بل تهدد مستقبل شعوب المنطقة المغاربية برمتها، التي تطمح إلى الوحدة والتكامل، لا التفرقة والانقسام.

https://anbaaexpress.ma/loe71

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي خبير في الشأن المغاربي و الإفريقي، مدير عام أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى