يشهد قطاع غزة واحدة من أعنف الكوارث الإنسانية في العصر الحديث
حيث دخلت المجاعة مرحلة حرجة وسط تدهور شامل للمنظومة الغذائية والصحية
نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر الماضي إلى جانب الحصار الخانق الذي يمنع دخول الإمدادات الأساسية
ووفقاً لتحذيرات رسمية صادرة عن برنامج الأغذية العالمي ووكالة الأونروا
فإن أكثر من 90% من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد
فيما تفاقمت حالات سوء التغذية لدى الأطفال بشكل غير مسبوق
خصوصاً في شمال القطاع الذي تحوّل إلى بؤرة إنسانية معزولة يفتك بها الجوع والموت البطيء
وأعلنت الأمم المتحدة رسمياً أن غزة دخلت المرحلة الخامسة من مقياس الأمن الغذائي المتكامل (IPC)
وهي المرحلة الأعلى التي تُصنّف على أنها “مجاعة مؤكدة”
إذ تقتصر وجبة العديد من العائلات على الخبز والماء كل 48 ساعة
وسط غياب كلي لأي بنية صحية قادرة على الاستجابة
وتحوّلت مشاهد الأطفال الذين يموتون جوعاً إلى وقائع يومية موثّقة بالصوت والصورة
في حين تزدحم شوارع القطاع بطوابير بشرية أمام مراكز الإغاثة التي باتت شبه خالية
فيما وصف الأهالي الوضع بأنه “أسوأ من الحرب” حيث الموت لم يعد يأتي من القصف فقط بل من الجوع والعطش والترويع المستمر
وفي سياق مواز بدأت منظمة تُدعى “غزة الإنسانية” مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة عملها في القطاع أواخر ماي
بزعم تقديم الإغاثة غير أنها تحوّلت سريعاً إلى “كمين إنساني”
حيث قُتل المئات من الفلسطينيين إما بنيران الجيش الإسرائيلي
خلال محاولتهم الوصول إلى المساعدات أو جراء التدافع المحموم على شاحنات الغذاء الشحيحة
المشهد في غزة لم يعد مجرد كارثة إنسانية بل يشبه سيناريو تطهير بطيء تحت غطاء الحرب
حيث تتعمد دولة الاحتلال خنق السكان عبر أدوات التجويع والتدمير الصحي
في ظل هذا الانهيار لم تعد منظمات الإغاثة قادرة على أداء مهامها وتحول بعضها إلى أدوات ضغط وقتل
تجاهل المجتمع الدولي لمجريات المجاعة في غزة يكشف هشاشة المنظومة الأممية في مواجهة جرائم الحصار
ويدفع بالسكان المدنيين نحو هاوية الفناء الجماعي