أفريقيامجتمع
أخر الأخبار

السفارة الأمريكية بالمغرب.. تحذر من تزوير التأشيرات وتحقيقات في النوايا عبر السوشيال ميديا

في خطوة تؤكد تشديد الإجراءات الأمنية والهجرية، حذّرت السفارة الأمريكية في المغرب بشكل صريح من “العواقب الوخيمة” لتقديم معلومات كاذبة أو وثائق مزورة خلال طلب التأشيرة، مشيرة إلى أن هذا السلوك يُعرض صاحبه لمنع دائم من دخول الولايات المتحدة بموجب القوانين الفيدرالية للهجرة.

وجاء التحذير، الذي نُشر يوم الجمعة 25 يوليوز 2025 على الصفحة الرسمية للسفارة بموقع فيسبوك، ضمن حملة توعية رقمية يبدو أنها تستهدف بشكل مباشر المتقدمين للحصول على تأشيرات دراسية أو تكوينية أو تبادل ثقافي.

في المنشور ذاته، أكدت السفارة أن “تزوير التأشيرة له عواقب وخيمة”، وأن “الكذب أو تقديم مستندات مزيفة يمكن أن يؤدي إلى حظر دائم للحصول على التأشيرة”، ما يعني ببساطة ـ وفق تعبير المنشور ـ أن المخالف لن يكون مؤهلاً للسفر إلى الولايات المتحدة إطلاقًا.

هذا التحذير لا يأتي في سياق عابر، بل يقرأ ضمن موجة متصاعدة من تشديد المراقبة على خلفيات طالبي التأشيرات، خاصة في ما يتعلق بما يسمى بـ”البصمة الرقمية”.

إذ شرعت الجهات القنصلية الأميركية في تفعيل آليات تدقيق متقدمة تشمل الاطلاع على السلوك الرقمي للمتقدمين، ولا سيما أولئك المصنفين ضمن فئات تأشيرات الدراسة (F)، أو التكوين المهني (M)، أو برامج التبادل الثقافي (J).

وتُخضع هذه الإجراءات حسابات المتقدمين على مواقع التواصل الاجتماعي للفحص، ليس فقط من حيث البيانات الظاهرة، بل من حيث المضامين الدلالية التي قد تعكس ميولًا فكرية أو نوايا مخالفة لهدف السفر المعلن.

في هذا السياق، ألزمت السفارة الأميركية في منشور سابق المتقدمين بجعل إعدادات الخصوصية على حساباتهم الشخصية “عامة بالكامل” طيلة مدة دراسة ملفاتهم، في خطوة توضح بشكل غير مسبوق الرغبة في المضاهاة الدقيقة بين ما يُصرح به رسميًا وما يُنشر رقمياً.

بمعنى آخر، لم تعد الكلمة الفصل في ملف التأشيرة هي فقط الوثائق الورقية أو المقابلة الشخصية، بل أصبحت “الهوية الرقمية” جزءًا أساسيًا من معايير التقييم، بل أداة استخبارية غير مباشرة في يد القنصليات.

قراءة في الخلفية: من الهجرة إلى الأمن القومي

هذا التحول في سياسات التقييم يعكس قلقًا متناميًا لدى الإدارات الأميركية من استخدام بعض المسافرين لنظام التأشيرة كمدخل للتحايل أو الاستقرار غير المشروع أو حتى ممارسة أنشطة مخالفة على التراب الأميركي.

فبعد عقود من اعتماد المساطر الكلاسيكية، باتت التكنولوجيا أداة رقابة توظف بشكل صريح في تقنيات “فرز النوايا”، حيث لا يُنظر فقط إلى غرض السفر، بل إلى مجمل السياق الرقمي المحيط بالشخص: منشوراته، صوره، تعليقاته، وحتى صداقاته الافتراضية.

وهنا، يطرح السؤال: هل تحوّلت طلبات التأشيرة إلى ما يشبه “التحقيق الأمني المسبق”؟ الواقع يشير إلى أن الولايات المتحدة لم تعد تنظر إلى المسافر كـ”طالب فيزا”، بل كحالة محتملة تستوجب التحقيق السيكولوجي والسلوكي قبل منح الإذن بالعبور.

المتضررون الرئيسيون: الطلبة والباحثون

في ظل هذه الرقابة المتزايدة، يبدو أن الطلبة والباحثين والمتدربين هم الفئة الأكثر عرضة للاستهداف الرقابي، بحكم أنهم يمثلون نسبة كبيرة من طالبي تأشيرات (F) و(M) و(J).

هؤلاء غالبًا ما ينشطون رقميًا، ويتفاعلون ضمن فضاءات حرة قد لا يراعون فيها الانضباط اللفظي أو الصياغة الدقيقة، وهو ما يمكن أن يُستخدم ضدهم في تفسير النية أو المزاج السياسي أو الاتجاه الفكري.

كما أن فرضية “النوايا الحقيقية” باتت قاعدة مركزية في سياسة الهجرة الأميركية. فحتى إن كانت الوثائق الرسمية كاملة، فإن أي تعارض بينها وبين ما يظهر على الحسابات الرقمية قد يُفهم كخداع، ما يؤدي تلقائيًا إلى رفض الملف أو المنع الدائم.

في المغرب: انعكاسات وصمت رسمي

اللافت أن التحذير الأميركي يأتي دون أن يقابله أي توضيح أو تعليق رسمي من الجانب المغربي، سواء على مستوى وزارة الخارجية أو ممثليات التعليم والتكوين.

ويطرح هذا الغياب تساؤلات حول مدى استعداد السلطات المغربية للتفاعل مع هذا التحول الأميركي الذي قد يمسّ الآلاف من الشباب المغاربة الطامحين إلى الدراسة أو التكوين في الولايات المتحدة، خاصة في ظل افتقار العديد منهم للوعي القانوني والرقمي الكافي حول خطورة بعض المنشورات أو الصور أو حتى النكات الرقمية التي قد تُحمّل تأويلات مختلفة.

السفر إلى أميركا لم يعد فقط “طلب تأشيرة”، بل اختبار للهوية الرقمية

ما تعلنه السفارة الأميركية في الرباط وفق مراقبين، ليس مجرد توجيه إداري، بل هو جزء من استراتيجية أمنية عالمية بدأت تتشكل تدريجيًا منذ ما بعد أحداث 11 شتنبر، وتعمّقت مع الطفرات التكنولوجية وتفشي التضليل الرقمي.

والمحصلة، أن التأشيرة لم تعد تمنح بناءً على المستندات فحسب، بل بناءً على “التطابق الرقمي”، أي أن المسافر بات مطالبًا بإثبات صدقه ليس فقط في أقواله، بل في تاريخه الرقمي، ووعي سلوكه في العالم الافتراضي.

https://anbaaexpress.ma/4r9gg

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى