تعكس الدينامية المتصاعدة في العلاقات المغربية البرازيلية إرادة سياسية مشتركة تتجاوز المجاملات الدبلوماسية، نحو تأسيس شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد، تقوم على التكامل الاقتصادي، والتقارب السياسي، والتعاون جنوب-جنوب كرافعة للتنمية. وقد شكّل منتدى LIDE المغربي-البرازيلي، الذي احتضنته مراكش مؤخرًا، تجسيدًا عمليًا لهذه الرؤية الطموحة.
في افتتاح المنتدى، أكد الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، كريم زيدان، على أن العلاقة بين الرباط وبرازيليا ليست ظرفية، بل شراكة قائمة على الثقة والتاريخ المشترك، هدفها بناء تعاون نموذجي قائم على مشاريع ملموسة. من جانبه، شدد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، على أن البلدين قادران على قيادة محور اقتصادي جديد يربط أمريكا اللاتينية بإفريقيا، من خلال الاستثمار والابتكار.
المنتدى، الذي نظّمه “مجموعة قادة الأعمال” (LIDE)، جمع شخصيات اقتصادية وسياسية بارزة من كلا البلدين، وتناول قطاعات حيوية كالزراعة، والطاقة النظيفة، والسياحة، والتكنولوجيا. وبرز من بين الحضور الرئيس البرازيلي الأسبق ميشال تامر، في مؤشر على الزخم السياسي المصاحب لهذا التعاون.
من بين التطورات البارزة، استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين الدار البيضاء وساو باولو، بمعدل ثلاث رحلات أسبوعيًا، باستخدام طائرات Dreamliner، في خطوة تسعى لتعزيز التبادل البشري والتجاري، ضمن رؤية تراعي المعايير البيئية.
وتأتي هذه الدينامية في سياق عودة البرازيل بقيادة الرئيس لولا دا سيلفا إلى الانخراط الفاعل في إفريقيا، حيث تبرز المملكة المغربية كشريك محوري، بفضل موقعها الاستراتيجي واستقرارها السياسي. ويعزز هذا التوجه اتفاق التعاون والاستثمار، الذي صادق عليه مجلس الشيوخ البرازيلي في 2024، بما يضمن بيئة قانونية مشجعة وواضحة للمستثمرين.
ورغم النمو الملحوظ في حجم المبادلات التجارية التي تجاوزت 2.5 مليار دولار في 2023، فإن مستويات الاستثمار المباشر لا تزال دون المستوى المطلوب، ما يعتبره الطرفان “احتياطي فرص” يجب تفعيله. ويقدم المغرب في هذا السياق بيئة تنافسية قوية بفضل البنيات التحتية المتقدمة، والكفاءات البشرية، واتفاقيات التبادل الحر التي تتيح الوصول إلى أكثر من 2.5 مليار مستهلك.
وأكد محمد أوجار، رئيس فرع LIDE بالمغرب، أن المرحلة تقتضي شراكات مستدامة تستثمر الإصلاحات الجارية بالمملكة، وتؤسس لمحور جنوب-جنوب جديد مبني على التنمية المشتركة والقيمة المضافة المتبادلة، في ظل عالم يعاني من تفتت جيوسياسي متسارع.