اختتمت في العاصمة التشيلية سانتياغو قمة سياسية جمعت خمسة من قادة دول ذات توجه يساري، هم رؤساء تشيلي والأوروغواي وكولومبيا والبرازيل، إلى جانب رئيس وزراء إسبانيا، في لقاء إقليمي-دولي جاء في سياق دولي يشهد صعودًا ملحوظًا لليمين المتطرف، لا سيما في أوروبا، وتناميًا في الخطابات الشعبوية المناهضة للتعددية والديمقراطية.
في بيان ختامي حمل اسم “إعلان سانتياغو”، حذّر القادة المشاركون من المخاطر التي يمثلها تمدد التيارات اليمينية الشعبوية، مشيرين إلى أن نجاحاتها الأخيرة، خصوصًا في فرنسا وإيطاليا وألمانيا وهولندا، تفرض تحديات سياسية غير مسبوقة.
ودعوا إلى تعزيز الجبهات التقدمية، والدفاع عن قيم التعدد والديمقراطية، من خلال مواجهة حملات التضليل الإعلامي، وتقديم بدائل اجتماعية واقتصادية تراعي العدالة والإنصاف.
وفي ما يخص الشأن الدولي، وبخاصة الحرب في غزة، أجمعت القمة على مطالبة المجتمع الدولي بوقف فوري لإطلاق النار، وإقامة ممرات إنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة. وأكد المشاركون أن احترام القانون الدولي الإنساني لم يعد خيارًا دبلوماسيًا، بل أصبح واجبًا أخلاقيًا لحماية المدنيين وصون كرامة الإنسان في مناطق النزاع.
القمة، التي تعكس محاولة لتوحيد أصوات اليسار في مواجهة موجات الانكفاء القومي والتطرف السياسي، توجت بالإعلان عن قمة ثانية ستنعقد في العاصمة الإسبانية مدريد العام المقبل، بهدف توسيع التنسيق بين القوى اليسارية، وتشكيل تحالف دولي قادر على تقديم مقاربات واقعية وعادلة لمواجهة الأزمات العالمية.
تأتي هذه المبادرة في توقيت حساس يشهد تحولات كبرى في المشهد السياسي الدولي، مع تصاعد اليمين في أوروبا، وتنامي سياسات الهوية والانغلاق. ومن جهة أخرى، تمثل القمة محاولة يسارية لإعادة التوازن إلى الساحة السياسية العالمية، من خلال إعادة الاعتبار لخطاب العدالة الاجتماعية، والمرافعة عن القيم الإنسانية في ظل تفاقم النزاعات، وعلى رأسها مأساة غزة.
اللقاء يعكس إدراكًا لدى هذه القيادات بأن المرحلة القادمة تتطلب تحالفًا دوليًا تقدميًا، لا لمجرد التنسيق السياسي، بل لإنتاج مشاريع بديلة، اجتماعية واقتصادية، قادرة على مخاطبة الشعوب، واستعادة الثقة في جدوى الديمقراطية أمام تصاعد الشعوبية والتحريض.
Thanks – this was a time saver.