في خطاب قوي خلال القمة السنوية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في مدينة لاهاي الهولندية، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الدول الأوروبية الأعضاء في الحلف إلى تخصيص ما لا يقل عن 0.25% من ناتجها المحلي الإجمالي لتقديم دعم عسكري مباشر لأوكرانيا، في إطار ما وصفه بـ”المعركة المصيرية” ضد العدوان الروسي.
وأكد زيلينسكي الذي ألقاه أمس الثلاثاء أن هذا الالتزام المالي ليس فقط ضرورة أوكرانية، بل “واجب استراتيجي” لحماية أمن أوروبا برمتها، مشددًا على أن الحرب في بلاده تمثل تهديدًا مباشرًا للنظام الأمني الأوروبي، وأن فشل صد العدوان الروسي قد تكون له تبعات تتجاوز حدود أوكرانيا.
وأوضح الرئيس الأوكراني أن هذا التمويل المقترح من الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو سيساعد في ضمان استدامة القدرات الدفاعية الأوكرانية، وتحقيق التوازن في مواجهة آلة الحرب الروسية، داعيًا إلى “تحول نوعي في الدعم العسكري” على مستوى الكتلة الأوروبية.
طلب زيلينسكي الموجه لحلفائه “وفق مراقبين ومحللين ” في الناتو لا ينفصل عن تطور مسار الحرب الميدانية والدبلوماسية، حيث تسعى كييف منذ أشهر للحصول على ضمانات تمويل وتسليح مستدامة من الغرب، في وقت بدأت فيه بعض العواصم الأوروبية تعاني من ضغط سياسي واقتصادي داخلي نتيجة استمرار الحرب وتداعياتها.
اقتراح تخصيص نسبة محددة من الناتج المحلي – وهو مطلب شبيه بما يُفرض على أعضاء الناتو في مساهماتهم الدفاعية الجماعية – يحمل دلالات رمزية وعملية؛ فهو يحول الدعم من صيغة “المنح الطارئة” إلى “التزام مالي ممنهج”، ما قد يسهم في تقليل التردد السياسي داخل الحلف.
من جهة أخرى، يعكس هذا النداء تحوّلًا في الخطاب الأوكراني من طلب الدعم إلى تأطيره كجزء من المسؤولية الجماعية للدفاع عن أوروبا. إذ بات زيلينسكي يُقارب الحرب على أنها اختبار وجودي لأمن القارة بأكملها، لا مجرد أزمة شرق أوروبية.
ويبقى السؤال مطروحا: هل يستجيب الأوروبيون لدعوة زيلينسكي في ظل تصاعد الضغوط الداخلية والقلق من إطالة أمد الحرب؟ أم سيبقى دعم أوكرانيا خاضعًا لحسابات متغيرة لا ترقى إلى مستوى الالتزام الذي تطلبه كييف؟
