في خطوة استراتيجية جديدة لتعزيز أمن التجارة الدولية، وقّع المغرب والولايات المتحدة اتفاقاً ثنائياً يقضي بانضمام المملكة رسمياً إلى “مبادرة أمن الحاويات” (CSI)، وهو برنامج دولي تقوده هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية (CBP) يهدف إلى تأمين سلسلة التوريد البحرية من التهديدات الإرهابية وعمليات التهريب، خاصة تلك المتجهة إلى الأراضي الأمريكية.
ويركّز هذا التعاون على مراقبة الشحنات التي قد تمثل خطراً أمنياً قبل مغادرتها الموانئ المغربية، وتوسيع تبادل المعلومات الاستخباراتية، وفرض تدابير أمنية مشددة دون الإضرار بسلاسة تدفق السلع.
ويشمل الاتفاق موانئ رئيسية كميناء طنجة المتوسط، الأكبر في القارة الإفريقية والمتوسّط، والذي سجّل رقماً قياسياً عام 2024 بتعامل مع 8.61 مليون حاوية نمطية (TEU)، وميناء الدار البيضاء، المسؤول عن نحو 38% من إجمالي التجارة البحرية الوطنية.
ويُمثل انضمام المغرب إلى المبادرة تعزيزاً لمكانته كمركز لوجستي عالمي آمن، يتبنى أعلى معايير التفتيش والتكنولوجيا المتقدمة، مما يسهم في جذب استثمارات جديدة ويقوي موقع المملكة كممر عبور للدول الإفريقية غير الساحلية، خاصة ضمن مشروع “المبادرة الأطلسية” المغربية الرامي لربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي.
وأكد دونالد كونروي، المسؤول الأمريكي في CBP، أن الاتفاق يعكس “توسيعاً للثقة المتبادلة وتأكيداً على التزام الطرفين بحماية المجتمع الدولي”، مضيفاً أن المغرب شريك استراتيجي موثوق في منطقة تشهد تحولات جيوسياسية متسارعة.
ويتزامن هذا التطور مع تعميق التعاون الأمني بين الرباط وواشنطن، والذي تجلّى أيضاً في مناورات “الأسد الإفريقي 2025″، التي احتضنتها أراضي المملكة بمشاركة قوات أمريكية، وساهمت في تقوية قدرات الاستجابة السريعة وحماية السواحل والمنطقة الساحلية للغرب الإفريقي.
ويمثل هذا الاتفاق نقلة نوعية للمغرب في مسار تحولاته اللوجستية والأمنية، لا سيما في ظل المشاريع الضخمة مثل خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، ومشاريع الطاقة الخضراء، حيث تشكل البنية التحتية الآمنة حجر الزاوية لجذب الشركاء الدوليين وتنشيط الاقتصاد القاري.
