جود، ربّة بيت، وجدت نفسها بعد كِبر أولادها الثلاثة، ذكرين وأنثى، تعيش فراغًا بسبب مشاكل عائلية، فقررت خوض تجربة متابعة دراستها التي حُرمت منها بسبب زواج مبكر.
حازت على شهادة الباكالوريا، وتابعت دراستها العليا بالجامعة في شعبة الدراسات الإسلامية، وحققت نتائج مبهرة بعد أن حازت على شهادة الإجازة وشهادة الماستر، وقررت الحصول على الدكتوراه.
خلال هذه المسيرة العلمية، واكبها أستاذ من أساتذتها المفضلين، وكان يرعاها ويشجعها ويقدّم لها النصائح والمساعدات لتحقيق مرادها. وإلى جانب ذلك، كانت تقوم بدورها كأم، تهتم بشؤون بيتها ولوازمه وتربية أبنائها الثلاثة. كانت جدّ كتومة، ولا أحد يعرف قصة حياتها، بل كل زملائها كانوا يظنون أنها طالبة عازبة.
وبما أنها كانت جدّ فرحة بأستاذها الذي كان يشجعها، فكان اسمه حاضرًا في بيتها. وبما أنها لم تكن ناجحة في زواجها مع زوجها لأسباب خاصة، رغم أنه لم يكن يبخل عليها بشيء، بل كان يوفر لها كل وسائل الراحة وكل ما يمكن أن يجلب لها السعادة، لكنه فشل في عقد صلح معها، فقرّر زوجها أن يبحث عن أستاذها المفضّل ليساعده على لمّ شملهما.
وبالفعل، التقيا في مقهى، وتبادلا التحايا، وقدّم كل واحد منهما نفسه للآخر، وشرع الزوج في موضوعه الذي جاء من أجله، فأخبر الأستاذ بأن زوجته منذ سنوات وهي بعيدة عنه، رغم أنهما يقطنان في بيت واحد، وأنها اتخذت لها غرفة مستقلة وهجرت غرفة نومهما، وكلما أراد أن يحلّ معها المشكل تتهرب، وحاول معها عن طريق والديها وإخوتها، وكان موقفها هو الرفض.
واعده الأستاذ بأنه سيعمل جاهدًا للوصول لحل يكون فرجًا، وبأن تعود علاقتهما علاقة جيدة. وبعد أيام، فاتح الأستاذ طالبته جود في موضوع زوجها في مطعم قريب من الجامعة، إلا أنها انتفضت وغضبت وقررت مغادرة المكان، لكنه استلطفها، وفي الأخير فتحت معه موضوعها، وأخبرته بأن زوجها، كما قال له، كريم معها، ولكنه جاف في عواطفه، وحاد في طبعه، ومستبد بآرائه، الشيء الذي كرهها فيه وقررت الابتعاد عنه داخل البيت، واتخذت لها غرفة بعيدة عنه كما قال، وأن موقفها منه لن يغيّره هذا اللقاء.
وربط الأستاذ الاتصال بزوج جود وأخبره بموقفها الرافض، ووعده بأنه سيحاول معها مرّات ليقنعها بالعدول عن موقفها. ومن هنا، وجد الأستاذ الفرصة سانحة لمحاولة استمالة طالبته، فكثرت لقاءاتهما بدعوى حل المشكل ومساعدتها على تهيئة بحثها لمناقشة رسالة الدكتوراه.
وليسهل عليه تنفيذ مخططه، كلما التقيا، حدثها أنه بدوره يجد نفورًا من زوجته أم أولاده، وأنها منشغلة عنه بأمور البيت والأولاد ولا تهتم به عاطفيًا، وعلى سبيل المزاح يخبر جود بأن مشاكلهما واحدة ومتقاربة، وتكاد تكون هي هي. ومع مرور الأيام، اعتاد كل واحد منهما على الآخر، ولا يكادان يفترقان: لقاءات في الجامعة وخارجها، وأحاديث مطولة ليلاً عبر الميسنجر والواتساب، وكل نهاية أسبوع.
حازت على شهادة الدكتوراه “بامتياز”، واشتغلت بعدها في مؤسسة تعليمية، وبقي حالها على ما كان عليه: زواج غير مستقر، وعلاقة مع الأستاذ دائمة ومستمرة، وهدايا يقدمها الأستاذ، لطالبته جود، وحصص دراسية تقدّمها للطلبة، وإشراف على أنشطة ثقافية وعلمية، حتى يبقى الاتصال الدائم…
وكانت جود تريد التخلّص من هذه الورطة التي سقطت فيها، وكان لسان حالها يقول: “يا ليته ما فعل، ولكنه للأسف أفشى سرّنا للأستاذ، فالتقطها الذئب، ووجد عندي استعدادًا، فأصبحت مدمنة على لقائه، وهو مدمن على لقائي…