دوليسياسة
أخر الأخبار

هجمات أوكرانية.. غير مسبوقة على العمق الروسي تفجر مسار التفاوض وتكرس مرحلة “حرب الاستنزاف”

موسكو هذه الهجمات كتحول نوعي في قواعد الاشتباك، ومن المتوقع، وفق محللين عسكريين، أن ترد بعنف بالغ عبر ضربات صاروخية مكثفة تستهدف منشآت حيوية وعسكرية في أوكرانيا، مما سيدفع الصراع نحو موجة تصعيد جديدة بلا أفق سياسي قريب

في تطور ميداني يعد الأخطر منذ اندلاع النزاع الروسي الأوكراني في فبراير 2022، نفذت كييف هجمات جوية متزامنة بطائرات مسيرة استهدفت أربع قواعد جوية روسية استراتيجية في العمق الروسي، ما أسفر عن تدمير عدد كبير من الطائرات القتالية، وفق ما أعلنته الاستخبارات الأوكرانية.

الضربات التي نُفذت، وفق مصادر أمنية، عبر طائرات بدون طيار أُطلقت من داخل الأراضي الروسية بواسطة شاحنات متنقلة، وصفتها كييف بأنها “منسقة وناجحة”، مؤكدة أن “القاذفات الروسية كانت تحترق جماعيًا” في مواقع عسكرية تبعد مئات الكيلومترات عن بعضها البعض.

المفاجأة العملياتية لا تكمن فقط في الحجم والدقة، بل في التوقيت أيضًا، إذ جاءت بعد أيام قليلة من جولة محادثات سلام عُقدت في إسطنبول برعاية الولايات المتحدة، في محاولة لبلورة تفاهمات مبدئية لوقف النار.

لكن، وبحسب مراقبين، فإن هذه الضربات وجهت ضربة قاصمة لمسار التفاوض الوليد، وأعادت الصراع إلى مربع الاستنزاف المتبادل. ويرى خبراء أن العملية تحمل “بصمة استخباراتية أوروبية دقيقة”، ما يثير تساؤلات حول وجود دور خفي لبعض العواصم الأوروبية في التخطيط أو الدعم الفني، خاصة مع تزايد شعور هذه الدول بالتهديد الروسي المباشر، في ظل تراجع المظلة الأمنية الأمريكية منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

الولايات المتحدة، ورغم حضورها في طاولة المفاوضات، يبدو أنها لم تكن في صلب القرار الميداني للهجوم، ما يشي بتزايد الهوة بينها وبين شركائها الأوروبيين وأوكرانيا.

وتشير بعض التحليلات إلى أن واشنطن قد تكون أُبلغت مسبقًا بالهجوم، لا للمشاركة فيه، بل لاستخدامه كورقة ضغط تفاوضي في مواجهة موسكو.

من جهتها، تقرأ موسكو هذه الهجمات كتحول نوعي في قواعد الاشتباك، ومن المتوقع، وفق محللين عسكريين، أن ترد بعنف بالغ عبر ضربات صاروخية مكثفة تستهدف منشآت حيوية وعسكرية في أوكرانيا، مما سيدفع الصراع نحو موجة تصعيد جديدة بلا أفق سياسي قريب.

يجمع عدد من المحللين الجيوسياسيين على أن ما يجري في أوكرانيا لم يعد مجرد نزاع حدودي، بل أصبح ساحة اختبار لإعادة تشكيل النظام الدولي بعد أفول عهد القطب الواحد. وبات من المرجح أن يكون العالم مقبلًا على موجات من الصراعات الممتدة، حيث تتراجع قدرة اللاعبين الكبار على فرض حلول نهائية، وتترك النزاعات لمعادلات القوة والمعارك المفتوحة.

وفي هذا السياق، فإن أوروبا، خاصة دول الجوار كفنلندا وبولندا، تجد نفسها على خط النار المباشر، ما يدفعها للعب دور أكثر جرأة، ولو على حساب الانسجام الكامل مع الحليف الأمريكي.

أما واشنطن، فترى في هذا الوضع فرصة لإطالة أمد الصراع دون خسائر مباشرة، حفاظًا على موقعها القيادي واستنزافًا مزدوجًا لروسيا والصين ضمنياً.

الرسالة الميدانية من أوكرانيا واضحة: الحرب مستمرة، والتفاوض مؤجل. ومع كل ضربة جديدة، يزداد احتمال الانزلاق إلى مرحلة يصعب التحكم في تداعياتها، ليس فقط على أوروبا الشرقية، بل على توازنات الأمن العالمي بأسره.

https://anbaaexpress.ma/rlfcp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى