صرح الموفد الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم براك، الأحد، أن سوريا ولبنان “بحاجة إلى التوصل إلى اتفاقات سلام مع إسرائيل”، مشيراً إلى أن الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران قد فتحت “طريقاً جديداً” في الشرق الأوسط، يعيد تشكيل موازين القوى وربما يتيح فرصًا دبلوماسية غير مسبوقة.
وقال براك، في مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول الرسمية، إن الرئيس السوري أحمد الشرع – بحسب تعبيره – أعرب عن عدم كراهيته لإسرائيل ورغبته في السلام، ما قد يشكّل تمهيدًا لإطلاق مسار تفاوضي جديد على الحدود الجنوبية لسوريا.
وأضاف: “أعتقد أن هذا سيحصل أيضاً مع لبنان.. اتفاق مع إسرائيل هو أمر ضروري”.
التصريحات الأمريكية تزامنت مع مواقف مماثلة من الجانب الإسرائيلي، حيث صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن “بقاء إسرائيل في الجولان شرط أساسي للتطبيع مع سوريا”، مشدداً على أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يتضمن “اعترافاً سورياً بسيادة إسرائيل على الجولان”، في إشارة إلى أحد أكثر الملفات حساسية في العلاقات الإقليمية.
وفي هذا السياق، نقلت قناة i24NEWS الإسرائيلية عن مصدر سوري مطّلع أن محادثات متقدمة تجري حالياً تمهيداً لتوقيع اتفاق سلام بين دمشق وتل أبيب قبل نهاية عام 2025، بوساطة أمريكية مباشرة يشرف عليها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وبدفع من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
تأتي هذه التطورات في وقت بالغ الحساسية، حيث أعادت الحرب الإيرانية-الإسرائيلية الأخيرة رسم معادلات النفوذ، ما دفع أطرافًا إقليمية ودولية إلى إعادة النظر في أولوياتها الإستراتيجية.
وطرح براك لـ”طريق جديد” يبدو أنه يُراد له أن يكون موازياً أو بديلاً عن مشاريع المقاومة التقليدية، ويهدف إلى دمج سوريا ولبنان ضمن مسار سلام إقليمي شبيه باتفاقيات “أبراهام”.
لكن المعادلة ليست بهذه السهولة. فالرأي العام اللبناني لا يزال متمسكًا بثوابت الصراع العربي-الإسرائيلي، كما أن سوريا الرسمية، رغم التلميحات، لم تصدر موقفا علنيا واضحا يؤكد قبولها بالتطبيع أو التنازل عن الجولان، الذي يُعد ركيزة للسيادة الوطنية في الخطاب السوري منذ عقود.
وفي المقابل، فإن تصريحات ساعر تكشف عن ثوابت إسرائيلية لا تزال تصرّ على شرط بقاء الجولان تحت سيادتها كمدخل لأي اتفاق.
ما يعني أن أي عملية سلام محتملة ستصطدم بعقبات قانونية وسياسية وشعبية في الطرفين، فضلًا عن رفض قوى إقليمية مثل إيران وحزب الله لأي تقارب سوري-إسرائيلي.
تظل هذه التحركات وفق مراقبين، مؤشراً على أن الشرق الأوسط يدخل مرحلة جديدة من التفاعلات، حيث يُعاد تشكيل التحالفات ببطء، وتُختبر الخطوط الحمراء القديمة مجددًا في ضوء تحولات ميدانية وجيوسياسية متسارعة.
تعليق واحد