تشهد منطقة البحر الأبيض المتوسط بداية صيف استثنائية، مع تسجيل درجات حرارة مبكرة وشديدة الارتفاع. في المغرب، توقعت مديرية الأرصاد الجوية الوطنية أن تصل الحرارة بين 16 و18 يونيو إلى 45 درجة مئوية في مدن مثل مراكش وزاكورة، وأكثر من 40 درجة في فاس وسلا. وفي إسبانيا، تجاوزت الحرارة 40 درجة مئوية نهاية مايو، أي قبل بدء الصيف رسميًا.
الوكالات الجوية في كلا البلدين، ومن ضمنها “أيميت” الإسبانية، تشير إلى صيف أكثر حرارة من المعتاد، خاصة على السواحل الشرقية وجزر البليار والكناري.
كما يُلاحظ اتساع فعلي لفترة الصيف، مع بدء درجات الحرارة المرتفعة قبل الأول من يونيو واستمرارها لما بعد غشت، ما يُظهر تحولًا مناخيًا واضحًا.
البيانات المناخية تؤكد أن فصول الصيف أصبحت أطول بخمسة أسابيع مقارنة بمنتصف القرن العشرين، وأن أولى موجات الحر السنوية باتت تظهر مبكرًا.
كما تسجّل مياه البحر المتوسط درجات حرارة تزيد بنحو 4 درجات مئوية عن المعدلات الموسمية، ما يُضعف تأثير نسمات البحر على تخفيف الحرارة الساحلية ويؤدي إلى ليالٍ استوائية خانقة في مايو.
في المغرب، يفاقم هذا الحر مع الجفاف من استنزاف المياه الجوفية والتربة، ما يؤدي إلى تراجع المحاصيل وارتفاع أسعار المواد الغذائية. كما تعاني البنية التحتية المائية والكهربائية، خصوصًا في المناطق الريفية، من ضغط كبير بسبب زيادة الطلب وتهالك التجهيزات.
أما في المدن الإسبانية، فترتفع معدلات استهلاك الكهرباء بفعل الاعتماد المتزايد على التبريد، وسط تصاعد الإجهاد الحراري في الفضاءات الحضرية.
ورغم خطورة الظاهرة، فإن الاستجابة المؤسسية لا تزال محدودة ومتفاوتة، إذ تنحصر غالبًا في مبادرات محلية مثل نقاط توزيع المياه أو حملات التوعية، في وقت تفتقر فيه مناطق واسعة إلى أنظمة فعالة للإنذار والتكيف.
وتؤكد هذه التطورات الحاجة إلى سياسات مناخية جديدة تشمل تكييف التخطيط العمراني، تحسين إدارة الموارد المائية، توسيع المساحات الخضراء، وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر، بهدف تقليل المخاطر الصحية والاجتماعية، خصوصًا للفئات الأكثر هشاشة كالأطفال والمسنين والعمال في الهواء الطلق.