دوليسياسة
أخر الأخبار

مهلة الأسبوعين الترامبية.. تحضير لضربة سيبرانية ضد الرأي العام الأمريكي “تحليل”

النُسخة "201" الأمريكية سيكون من أهم أهدافها القريبة و ذات العلاقة بسياق المقال، تنشيط الدورة السياسية الموالية لإسرائيل في قلب الداخل الأمريكي...

تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه سيعطي مهلة أسبوعين للدبلوماسية قبل أن يُقرر المشاركة “المباشرة” في الحرب الإسرائيلية ضد إيران، يأتي على العكس تماماً من “التحضيرات السيبرانية” التي قامت بها مؤسسة الجيش الأمريكي للانخراط في هذا الصراع، حيث عيَّنت مديرين تنفيذين كِبار في وادي السليكون كضباط برتبة مُقدَّم من شركات بالانتير، ميتا، و الذكاء الاصطناعي المفتوحة.

جاء التعيين في يوم الـ 13 من يونيو 2025 الذي بدأت فيه إسرائيل فعل الحرب ضد إيران بضربة جويَّة هائلة.

هؤلاء الضباط السيبرانيون سيقودون المفرزة “201” التي تُذكِّرُنا بلا شك بالنُسخة الإسرائيلية الوحدة 8200، المختصة بالحرب النفسية من ضمن أمورٍ كثيرة. 8200 نجحت إلى حدٍ كبير بعد السابع من أكتوبر 2023 في تجزئة الرأي العام العربي بخصوص الصراع الدائر في غزة، لتبسيط سردية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من قضية عربيَّة إلى مُجرَّد منشِّطات قوميَّة لنظام الملالي في طهران.

النُسخة “201” الأمريكية سيكون من أهم أهدافها القريبة و ذات العلاقة بسياق المقال، تنشيط الدورة السياسية الموالية لإسرائيل في قلب الداخل الأمريكي. خاصَّة أن استطلاعات الرأي الأمريكية وجدت أن “53% من الأمريكيين يرون إسرائيل بصورة أكثر سلبية” بحسب منظمة بيو للأبحاث في الـ 8 من مارس 2025.

قاعدة ترامب الانتخابية التي دعمته في انتخابات عام 2024 تبدو بحاجةٍ أيضاً إلى “الإقناع و التشتيت الرقمي” إذا صحَّت اللفظة، إذ أن 53% من هذه القاعدة ترفض اشتراك العم سام في ضرب إيران.

و في استطلاعٍ مشترك قام به مجلس شيكاغو للشؤون الخارجية – إبسوس في أبريل 2025 وجد بدوره إنَّ ” كل 8 من 10 أمريكيين يفضلون الدبلوماسية أو العقوبات الاقتصادية المُشددة للتأثير على قدرة تخصيب اليورانيوم الإيرانية”.

استطلاع الإيكونيميست البريطانية بيَّن أيضاً إنَّ “63% من كل الأمريكيين يفضلون انخراط واشنطن في المفاوضات مع إيران”. بينما يفضِّل “60%  من الناخبين الأمريكيين أن تتراجع عن التورط عسكرياً”.

الجيل Z الأمريكي – المولود بين 1997- 2012 – كذلك هو غير راضٍ عن أداء الرئيس ترامب الحكومي. ارتفعت نسبة المستائين من Z إلى “66%” بعد أن كانت “53%” قبل أسبوعين بحسب استطلاعٍ نُشِر في الـ 17 من يونيو  2025.

باختصار، الرأي العام الأمريكي بخصوص اشتراك بلاده بشكلٍ “مباشر” في حرب إسرائيل ضد إيران يقع ضمن التصنيف “السائل” حالياً؛ أي هناك احتمال لأن تتراجع نسبة الرفض للانخراط “المباشر” في الصراع و العكس ممكن.

فترة الأسبوعين التي يحتاجها الرئيس الأمريكي لإنعاش صورته ممكنة، بحسب سابقة ارتفاع حظوظ المرشحة الرئاسية السابقة كمالا هاريس، بعد أسبوعين من انسحاب الرئيس السابق جو بايدن من الانتخابات الرئاسية عام 2024. رغم إنه كان ارتفاعاً مؤقتاً و ليس أكثر من ردَّة فعل على الأداء السيء في مناظرته مع الرئيس ترامب حينها.

تأتي أهمية هذين الأسبوعين لإعطاء فرصة معقولة للمفرزة “201” في القيام بمجابهة رقمية مع من سبَّب تصدُّع قاعدة Make America Great Again التي باتت تعارف اختصاراً بـ “MAGA“.

أبرزهم إعلامياً ستيف بانون المستشار السياسي السابق للرئيس ترامب، و تاكر كارلسون مُقدِّم سابق في قناة فوكس نيوز الذي كان له دور سوبر إعلامي في تعبيد قبول الرأي العام الأمريكي لعودة رئاسية جديدة لترامب. كذلك نوَّاب جمهوريون من الصنف “الترامبي” إذا صحَّ التعبير.

ثقة الرأي العام الأمريكي بأداء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و التي بلغت “32%” بحسب استطلاعٍ سبق زيارته الأخيرة لواشنطن، يُنبي أيضاً بالحاجة إلى هذين الأسبوعين الترامبيين لإزالة حُدبة نتنياهو من أي قرارٍ قد يتخذه الرئيس الأمريكي.

هامش الخطأ في استطلاعات الرأي الذي يفضل باحثون أمريكيون زيادته من 3 – 6 % لزيادة الدقة في توقع النتائج الانتخابية الرئاسية، إذا ما استُخدِم في هذا السياق يخبِرُنا بأن نسبة القبول الأمريكية لنتنياهو حتّى إن عملت لصالحه لا ضدَّه بعد أسبوعين فلن تكون لصالح قاعدة الرئيس ترامب الانتخابية التي تريد منه تطبيق سياسة “أمريكا أولاً”.

المؤشرات الرقمية على عمل المفرزة “201”، نستطيع ملاحظتها بوضوحٍ هذه الأيام على منصة اليوتيوب، خاصَّة تلك المقاطع الكوميدية التي تصوَّر الرئيس الأمريكي، الرئيس الروسي، المرشد الإيراني، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الرئيس الأوكراني، و رئيس كوريا الشمالية كأطفالٍ صِغار يلعبون بالأسلحة التقليدية و القنابل النووية، و صعوبة وصول المستخدمين للإنترنت – على الأقل في الشرق الأوسط – إلى المواقع الإلكترونية للصحف و المنصات الإعلامية الأمريكية. الهدف، إنَّ الرأي العام الأمريكي الزاهد كحال بقية الشعوب بوسائل الإعلام التقليدية، و المدمن كغيره على منصات السوشيال ميديا قد يرى الانخراط الأمريكي “المباشر” في الحرب الإسرائيلية ضد إيران نوعاً من ألعاب البلي ستيشن.

201 ستكون أمام اختبار صعب خلال هذين الأسبوعين، لكنها ستكون على المدى القريب و المتوسط أعظم تجسيد لـ “شرطة التفكير” التي وردت في رواية جورج أورويل “1984”.

نقص مدة الأسبوعين الترامبية سيعتمد على حدثٍ ما قد يُجيَّش العواطف الأمريكية، مُسبباً ظاهرة “الالتفاف حول العلم” و بالتالي اصطفاف الداخل الأمريكي مع ترامب في إسرائيل.

https://anbaaexpress.ma/s4u2s

مسار عبد المحسن راضي

كاتب صحافي وباحث عراقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى