وليد بهضاض
أدى قادة دول الساحل صلاة عيد الأضحى يومه الجمعة 6 يونيو 2025، في أماكن ذات دلالات سياسية وعسكرية، ما تم تفسيره كرسائل حول التلاحم الداخلي مع استمرار الجهود الرامية للقضاء على الإرهاب وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
حيث قام رئيس دولة بوركينا فاسو، النقيب إبراهيم تراوري، بتأدية صلاة العيد وسط الجنود الذين يقاتلون ضد الجماعات الإرهابية ميدانيا، خطوة اعتبرها المهتمون ليست مجرد مشاركة عادية لشعيرة دينية، بل حملت في طياتها رسالة واضحة بأن المعركة ضد الإرهاب ليست مقتصرة على الميدان العسكري، وإنما تمتد إلى الجانب الروحي و المجتمعي.
وفقا لوسائل اعلام محلية، فقد أكد الرئيس البوركينابي في تصريحات له بعد صلاة عيد الأضحى مباشرة، أن الإيمان يُشكل دعامة أساسية للمقاتلين في مواجهة الأوضاع الصعبة، مشددا كون الدين السليم يزرع في الإنسان روح التضحية والشجاعة، والقول له هكذا “تستمد قواتنا المقاتلة في الميدان إيمانها من الدين، وتُغرس أيضا في دواخلهم محبة الجيران وحب الوطن، ليُقاتلوا حتى التضحية الكبرى”.
وعلى مستوى الخطاب السياسي، شدد الرئيس تراوري على أهمية التسامح الديني والتماسك المجتمعي لبناء دولة قوية ذات سيادة، إذ تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي قُبَيل أداء صلاة عيد الأضحى، منشورا أثنى من خلاله رئيس الدولة على الدور الذي يلعبه المسلمون في بوركينا فاسو، سواء داخل البلاد أو خارجه من تعزيز للسلام والأمن، مشيرا إلى التحديات الراهنة والتي تتطلب تلاحما غير مسبوق بين كافة أطياف المجتمع.
وجاءت هذه الرسائل في وقت الذي تواجه بوركينا فاسو تصعيدا كبيرا من حيث الهجمات الإرهابية، وفقا للإعلام المحلي فإن هذا السلوك تأكيد من الدولة أن المعركة ليست بالسلاح فحسب، بل على المستوى الفكري والروحي، حيث يُعتبر الدين عاملا أساسيا في توحيد الصفوف وتعزيز الصمود، حسب المهتمين.
بينما في العاصمة نيامي، أدى رئيس النيجر، الجنرال عبد الرحمن تشياني، صلاة العيد بجامع معمر القذافي الشهير، أحد أكبر المساجد في البلاد، وسط حضور سياسي ودبلوماسي بارز شمل مسؤولين حكوميين وأعضاء المجلس الوطني لحماية الوطن.
واعتبرت مصادر إعلامية محلية أن قيادة الجمهورية تؤكد من خلال الحدث على الدور الروحي والديني في تعزيز الاستقرار المحلي، حيث جدد رئيس الدولة وأعضاء حكومته الدعاء من أجل أمن البلاد واستقرارها، كما اعتبر الممتبعون ان هذه المشاركة هي جزء من الجهود الرامية إلى توطيد العلاقة بين الدولة والمجتمع، لا سيما في ظل التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجه البلاد.
ونظرا للتطورات السياسية التي شهدتها النيجر خلال المرحلة الماضية، باتت المناسبات الدينية تشكل فرصة لتعزيز التواصل بين القيادة والمجتمع، وتوجيه رسائل طمأنة حول مستقبل البلاد، وهو ما برز في أجواء صلاة العيد التي جمعت مختلف الفئات الرسمية والشعبية في مشهد يعكس التلاحم الوطني وفقا للاعلام المحلي.
أما عن جمهورية مالي، فقد أدى رئيس المرحلة الانتقالية، الجنرال “أسيمي غويتا”، صلاة العيد في قاعة الأفراح بقصر كولوبا، التي تم تخصيصها كمصلى لهذه المناسبة، بحضور رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة والسلك الدبلوماسي.
وحرص الرئيس غويتا في صلاته على الدعاء للشهداء الذين ضحوا من أجل أمن البلاد، مشيرا كون عيد الأضحى ليس فقط مناسبة دينية، بل هو فرصة لتعزيز قيم التضامن والمغفرة والتواصل، مشددا أن المعركة ضد الإرهاب مستمرة بلا هوادة، مع التزام دولة مالي ومعها الدول الصديقة على التصدي للتطرف حتى تحقيق النصر النهائي.
ومن جهته، ركّز الإمام عبد الرحمن توري، على تعاليم الإيمان والصبر، موضحا أن عيد الأضحى يُمثل رمزا للتضحية والتسليم للمشيئة الإلهية، داعيا بالرحمة للشهداء، وللوحدة بين أبناء الأمة الإسلامية، مؤكدا على أهمية الصمود في وجه التحديات الأمنية والسياسية التي تمر بها البلاد.
ويرى المحللون، أن أداء صلاة العيد لهذا العام في دول الساحل لم تكن مجرد طقس ديني، بل فرصة لإرسال رسائل سياسية واجتماعية عميقة، وسط ظروف أمنية صعبة تمر بها كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو.
حيث اختار الرئيس إبراهيم تراوري أن يصلي وسط الجنود تأكيدا على دعمه لهم في المعركة ضد الإرهاب، بينما في النيجر، جدد الرئيس تشياني الدعوات للاستقرار في واحد من أكبر مساجد العاصمة، فيما ركّز الرئيس المالي غويتا على ذكرى الشهداء والتلاحم الوطني.
ووفقا للخبراء، أن هذه الأجواء تعكس مدى أهمية الدين كعامل لتوحيد الشعوب وضمان إستقرار الأوطان، خصوصا في الظرفيات التي تطغى عليها الصعوبة، حيث أظهر قادة التحالف في دول الساحل التزامهم بالقيم الروحية والوطنية، مؤكدين أن تحديات الأمن والاستقرار تتطلب مواجهة متكاملة تشمل السلاح كما تشمل الفكر والدين.
وفي إطار حربها ضد الإرهاب، نفّذت القوات المالية سلسلة من العمليات النوعية خلال الأيام الماضية، استهدفت تحركات الجماعات الإرهابية المسلحة في المنطقة.
حيث نجحت القوات المسلحة يوم الأحد الموافق 8 يونيو 2025، في تدمير مركبة مفخخة على بعد 11 كيلومترا جنوب غرب مدينة بالي ضمن دائرة نفوذ منطقة تسمى نارا.
وجاءت هذه العملية العسكرية وفقا لمصادر رسمية، بعد تلقي معلومات استخباراتية دقيقة عن هجوم وشيك كانت الجماعات الإرهابية المسلحة تخطط لتنفيذه باستخدام مركبة مدنية سبق و استولت عليها، وتضيف نفس المصادر، أنه بعد مراقبة مطولة وتحديد دقيق للموقع، تمكنت القوات المالية من استهداف العربة ومن عليها.
وحسب مصادر رسمية فقد تمكنت في صباح يوم الاثنين 2 يونيو 2025، على الساعة العاشرة صباحا، وحدات القوات المسلحة من إحباط محاولة تسلل مجموعة إرهابية إلى معسكر تمبكتو، في عملية استباقية ساهمت في منع هجوم كان من شأنه تهديد الاستقرار الاقليمي.
كما أعلنت هيئة الأركان العامة، أنه بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف مركز أمن يومه الأربعاء 4 يونيو 2025، قامت القوات العسكرية المالية بتقييم الوضع، وتم العثور على 41 جثة مسلح، إضافة إلى العديد من القتلى والجرحى ممن تم نقلهم للثكنات والمستشفيات.
وصرح مصدر عسكري، ان العملية العسكرية نتج عنها مقتل قائد الفصيل الإرهابي من جنسية نيجيرية يدعى “مامودو أكيلو”، إضافة إلى أربعة من مساعديه، كما أكدت القوات العسكرية المالية في بلاغ لها أن الغارات الجوية لا تزال مستمرة لضمان القضاء التام على التهديدات الإرهابية في المنطقة.
وفي هذا السياق، أشادت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة المالية بيقظة أفرادها، مؤكدة أن القوات العسكرية لن تتهاون في فرض الأمن وإعادة السلام والهدوء طبقا للمتعارف عليه وطنيا، اقليميا ودوليا.
