حديث الساعةسياسة
أخر الأخبار

العد العكسي بدأ: بعد دمشق وطهران.. هل الجزائر هي المحطة التالية؟

تشير تقارير استراتيجية إلى أن النظام العسكري في الجزائر، الذي استمر لعقود في حكم البلاد بقبضة حديدية، يقف الآن على حافة الزوال بفعل غضب شعبي متصاعد..

تعيش منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لحظة مفصلية، عنوانها: نهاية مرحلة وبداية أخرى. فبعد سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، ومع تسارع استهداف البنية النووية والعسكرية للنظام الإيراني من طرف إسرائيل وواشنطن، تتجه الأنظار إلى المحطة الثالثة: الجزائر.

فهل بدأ العد التنازلي لنهاية النظام العسكري في الجزائر؟ وهل تتجه المنطقة نحو موجة ثانية من التغيير الجيوسياسي غير المسبوق؟ هذا ما تشير إليه تقارير مراكز أبحاث دولية واستطلاعات رأي ميدانية.

سقوط الأنظمة غير الديمقراطية.. من دمشق إلى طهران

انطلقت شرارة التغيير من دمشق، حيث عجز نظام الأسد عن الصمود في وجه عقود من الغضب الشعبي، ومع الوقت أصبح محاصرًا داخليًا ومكروهًا خارجيًا، قبل أن يُترك لمصيره في لعبة الصفقات الكبرى.

أما إيران، فقد دخلت الآن مرحلة “الاستنزاف الشامل”، بعد أن استهدفت الضربات الأمريكية والإسرائيلية منشآتها النووية الحساسة، بالتوازي مع ثورة غضب شعبية متزايدة ضد نظام المرشد خامنئي من أجل اضعاف النظام الملالي.

استطلاع رأي وفق مؤسسات بحثية غربية أظهر أن أكثر من 80٪ من الإيرانيين يرفضون النظام الديني الحاكم، تمامًا كما حصل مع الأسد، الذي وصلت نسبة رفضه إلى أكثر من 90٪ قبيل الانهيار.

الجزائر.. آخر الحلقات في سلسلة السقوط؟

تشير تقارير استراتيجية إلى أن النظام العسكري في الجزائر، الذي استمر لعقود في حكم البلاد بقبضة حديدية، يقف الآن على حافة الزوال بفعل غضب شعبي متصاعد، وأزمة سياسية واقتصادية خانقة، فضلًا عن عزلة خارجية متنامية.

الواقع على الأرض يُظهر أن حملة “مانيش راضي” التي عادت بقوة إلى الشوارع ليست مجرد موجة احتجاجية عابرة، بل هي صرخة مجتمع ضد نظام فقد شرعيته الاجتماعية والسياسية.

فالشعب الجزائري، وبأغلبية واضحة، يرفع شعار: “دولة مدنية ماشي عسكرية”، رافضًا وصاية المؤسسة العسكرية على القرار الوطني.

بالإضافة إلى ذلك، فإن النظام الجزائري كان هو السبب الرئيسي والمباشر في خلق أزمات في المنطقة المغاربية وشمال إفريقيا ومع أغلب الدول الإفريقية، خصوصًا دول الساحل.

وكان النظام الجزائري يُعرقل التنمية في المنطقة ويغذي الجماعات الإرهابية، حيث أصبحت منطقة أمنية خطيرة تضم الجماعات المسلحة، وعلى رأسها ميليشيا البوليساريو.

تعبئة رسمية في مواجهة الغضب الشعبي

في محاولة لامتصاص هذا الغضب، لجأ النظام الجزائري إلى حملات تعبئة سياسية وإعلامية، تتحدث عن “المؤامرات الخارجية” و”خطر زعزعة الاستقرار”.

غير أن الواقع الميداني يُظهر أن ما يزعزع الاستقرار الحقيقي هو استمرار القمع، والاعتقالات، وانهيار القدرة الشرائية.

كما أن الخطاب الرسمي الذي يُروّج لـ”التلاحم الوطني” لا يجد صداه داخل مجتمع سئم التكرار، ويدرك أن الاستقرار الحقيقي لا يُبنى بالشعارات، بل بـالإصلاح، والعدالة، والانفتاح السياسي.

ما بعد العد التنازلي: الجزائر إلى أين؟

السيناريو الأكثر ترجيحًا، بحسب العديد من المراقبين، هو أن الجزائر تتجه نحو نقطة تحول كبرى، خاصة إذا استمر النظام في تجاهل المطالب الشعبية ورفضه لأي انفتاح سياسي جاد.

أما في حالة استمرار سياسة “التشدد الأمني”، فإن الأمور قد تنزلق إلى انفجار داخلي شامل، سيُعجل بنهاية النظام الحالي، كما حصل في حالات سابقة بالمنطقة.

خلاصة “حديث الساعة”:

المنطقة تدخل فعليًا في زمن السقوط المتسلسل للأنظمة المعزولة شعبيًا. وبعد دمشق وطهران، تُشير كل المؤشرات إلى أن الجزائر ستكون على الخط التالي، خصوصًا مع استمرار الغليان الشعبي، وانكشاف هشاشة “الواجهة المدنية” للنظام العسكري.

ونؤكد أن أنباء إكسبريس، من خلال قسم الشؤون المغاربية، تتابع هذه التطورات الخطيرة لحظة بلحظة، وستنشر في الساعات المقبلة تحقيقات حصرية عن تحركات داخلية وميدانية غير معلنة، ومؤشرات ترسم ملامح التغيير القادم في الجزائر.

وجدير بالذكر أن جهات كبرى دولية تتحكم اليوم في توازنات القوى العظمى، لم تعد تسمح باستمرار مثل هذه الأنظمة التي تُفسد في الأرض ولا تخدم مصالح الشعوب ولا السلم الدوليين.

من دمشق إلى طهران.. فهل تكون الجزائر مختلفة؟

لم يعد خفيًا أن الجهات العالمية الكبرى التي تتحكم في التوازنات الدولية، هي من ترسم مسارات إسقاط أو إضعاف الأنظمة وفق مصالحها.

ففي سوريا، أسقطت تلك القوى فعليًا نظام بشار الأسد عبر العزل الكامل والتفكيك البطيء.

أما في إيران، فتم اعتماد استراتيجية الإضعاف بدل السقوط المباشر، عبر ضربات نوعية على منشآت نووية، لتنتهي الحرب بشكل مفاجئ بإعلان من ترامب، عقب ضربة إيرانية “منسقة مسبقًا” على قاعدة العديد في قطر التي كانت قد أُخليت سلفًا.

في الجزائر، الوضع يبدو مختلفًا، فالنظام العسكري لا يشكل فقط أزمة داخلية، بل يُعد عامل توتر إقليمي، ما قد يدفع القوى الكبرى إلى الدفع بسيناريو السقوط الكامل بدل الاكتفاء بالضغط أو الإضعاف.

https://anbaaexpress.ma/tn9wm

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي خبير في الشأن المغاربي و الإفريقي، مدير عام أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى