في تحليله الراهن الذي نُشر اليوم في موقع Quid، اختتم عبد الحميد جماهري، مدير جريدة الاتحاد الاشتراكي، مقاله بتشخيص حاد لحال النظام الجزائري قائلاً: “النظام الجزائري لم يعد لديه ما يقدمه للعالم سوى مزيد من العزلة وخطاب متصلّب فارغ من أي مضمون”.
خطابٌ جامد، مليء بالمغالطات، يقترب من العبثية والسريالية، يعكس بوضوح حالة الإنكار والانفصال عن الواقع التي يعيشها هذا النظام.
وفي وقت يشهد فيه العالم إعادة تشكيل لتحالفاته الاستراتيجية، انضمت دول كبرى كالولايات المتحدة، وفرنسا، وإسبانيا، وغالبية الدول الأوروبية، إضافة إلى 111 دولة حول العالم، إلى رؤى جديدة تعيد رسم خريطة العلاقات الإقليمية والدولية، ما يجعل من عزلة الجزائر خياراً ذاتياً وليس قدراً مفروضاً.
أمام هذا الواقع، لم يبقَ للجناح العسكري الحاكم في الجزائر ودبلوماسيته المتآكلة سوى الهروب إلى الأمام، كما يتضح من البيان الرسمي الأخير الذي جاء حافلاً بالتناقضات والخيال والتصعيد اللفظي، ليعكس حجم التدهور والارتباك داخل نظام يعاني من الشيخوخة السياسية والعجز البنيوي.
فالمشكل المصطنع الذي سوّقه النظام لعقود، كلّف الشعب الجزائري ثمناً باهظاً دون أن يحقق أي مكاسب حقيقية سوى ترسيخ المزيد من الفشل والعزلة. وهي سياسة مكلفة سيدفع ثمنها الجزائريون عاجلاً أو آجلاً.
وبعد نصف قرن من المغامرات الفاشلة، لم تجنِ الجزائر سوى الخراب الداخلي، بينما ظل النظام يحمل حقداً أعمى تجاه الجار المغربي، حقداً بلغ حد التدمير الذاتي.
أما المغرب، ورغم افتقاره للثروات النفطية والغازية، ورفضه للثقافة الريعية والرشوة، فقد اختار طريقاً مغايراً: الاعتماد على تاريخه، وعلى عدالة قضاياه، وعلى إرادة شعبه وحقه في التعبير.
في هذا المشهد الإقليمي المتغير، تبدو الجزائر وكأنها تسير عكس التيار، في عزلة إرادية قد تكون مقدمة لمراجعة مؤجلة أو لنهاية مرحلة تاريخية لم تعد قادرة على مواكبة العصر.
info Marruecos