الشرق الأوسطسياسة
أخر الأخبار

اختفاء الطائرات من قاعدة “العديد” في قطر.. تكتيك انسحاب أم طبول حرب؟

ويشير التوقيت إلى أن تقليص الوجود الجوي قد يكون جزءاً من إعادة انتشار تكتيكية استعداداً لمرحلة جديدة، سواء لشن ضربات من قواعد بديلة أو لتحصين الأصول العسكرية في مواقع أقل عرضة للخطر.

في خطوة أثارت تساؤلات استراتيجية عميقة، كشفت صور أقمار اصطناعية حديثة اختفاء ما يقارب 90% من الطائرات العسكرية الأمريكية المتمركزة في قاعدة “العديد” الجوية بقطر، إحدى أهم المنشآت العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، مما قد يشير إلى تحولات ميدانية تسبق تصعيداً وشيكاً في المنطقة.

الصور التي نشرتها شركة “بلانيت لابس” وحللتها وكالة “فرانس برس”، أظهرت انخفاضاً في عدد الطائرات من نحو 40 طائرة في 5 يونيو 2025 إلى ثلاث طائرات نقل فقط بحلول يوم الخميس 16 يونيو.

وشملت الطائرات التي كانت متمركزة سابقاً في القاعدة، ناقلات جنود، وطائرات استطلاع، وطائرات عمليات خاصة من طراز “سي-130 هيرقليس”، إلى جانب حاملات معدات ثقيلة، ما يعكس مستوى الجاهزية العالية التي كانت القاعدة عليها قبل عملية الإفراغ المفاجئة.

ورغم غياب أي إعلان رسمي من البنتاغون بشأن هذا الانسحاب، فقد أصدرت السفارة الأمريكية في الدوحة بالتزامن مذكرة تحذيرية عبر موقعها الإلكتروني، دعت فيها موظفيها إلى “توخي الحذر الشديد” وتقييد الحركة والوصول إلى القاعدة، ووصفت ذلك بأنه إجراء احترازي في ظل “الأعمال العدائية الإقليمية المستمرة”. وتُقرأ هذه الخطوة ضمن سياق حالة استنفار وتحسب من تطورات ميدانية قد تشمل الجبهة الإيرانية الإسرائيلية.

التحركات الأمريكية جاءت في وقت حساس يتزامن مع اقتراب إعلان مرتقب من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول إمكانية تدخل عسكري أمريكي إلى جانب إسرائيل ضد إيران، وفق ما أعلنه البيت الأبيض قبل أيام.

ويشير التوقيت إلى أن تقليص الوجود الجوي قد يكون جزءاً من إعادة انتشار تكتيكية استعداداً لمرحلة جديدة، سواء لشن ضربات من قواعد بديلة أو لتحصين الأصول العسكرية في مواقع أقل عرضة للخطر.

وفيما تروج واشنطن لانسحابها كإجراء “احترازي”، يرى محللون أن هذا التحول قد ينذر بنقلة نوعية في تموضع القوات الأمريكية في الخليج، إما لتقليص اعتمادها على قواعد تقليدية مكشوفة أو للانتقال إلى نمط “الضربات الذكية” من مسافات بعيدة، عبر حاملات الطائرات أو قواعد في البحرين والإمارات.

ومن زاوية أخرى، فإن الانسحاب الجزئي من “العديد”، التي تعتبر مركزاً لقيادة العمليات الجوية في المنطقة، قد يُفهم على أنه رسالة تهدئة إلى بعض حلفاء واشنطن في الخليج، تحاول بها الولايات المتحدة تجنب استدراجهم إلى مواجهة مفتوحة قد تجر المنطقة إلى تداعيات أمنية كارثية، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة منذ ضربات إيران الأخيرة على تل أبيب وبئر السبع.

في المقابل، قد تفسر هذه الخطوة أيضاً كإشارة ضمنية لطهران بأن واشنطن لا تنوي خوض مواجهة مباشرة حالياً، وهو ما قد يستخدمه صقور المؤسسة العسكرية الأمريكية كغطاء للضربة الاستباقية المقبلة، في حال قررت إدارة ترامب المضي في خيار الحسم العسكري.

في النهاية، لا يبدو أن مشهد الطائرات الغائبة عن مدرجات “العديد” مجرد صدفة لوجستية أو حركة روتينية، بل ربما يعكس طبول حرب تطرق أبواب الخليج من جديد، حيث تعيد واشنطن تشكيل حضورها العسكري بين الخفاء والتحرك السريع، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن المنطقة مقبلة على تحولات مفصلية، سيكون لها ما بعدها في الصراع الإقليمي والدولي على النفوذ والردع.

https://anbaaexpress.ma/j3tu1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى