صادق مجلس الحكومة على مشروع المرسوم رقم 2.23.716، المتعلق بتحديد المؤهلات الواجب توافرها فيمن يزاول مهام السنديك، وكذا تنظيم كيفية احتساب الأتعاب المستحقة نظير هذه المهام، وذلك في إطار مساطر معالجة صعوبات المقاولة.
وقد جاءت هذه المصادقة عقب إدراج الملاحظات التي أُثيرت أثناء مناقشة المشروع، في تجسيد لنهج تشاركي يستهدف تحسين الإطار القانوني المنظم لهذا المجال الحيوي.
ويندرج هذا المشروع ضمن حزمة النصوص التنظيمية الرامية إلى تفعيل مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة، والمتعلق بمساطر معالجة صعوبات المقاولة.
ويعد هذا المرسوم إحدى اللبنات الأساسية في استكمال البنية التطبيقية لهذه المساطر، نظرا لدوره المحوري في ضبط شروط ممارسة مهام السنديك، وتعزيز جودة التدخل القضائي في هذا المجال.
يهدف مشروع المرسوم، في جوهره، إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، في مقدمتها إرساء معايير دقيقة لمزاولة مهام السنديك، من خلال اشتراط توفر الكفاءة المهنية والخبرة الميدانية لدى من يكلفون بهذه الوظيفة ذات الطابع الفني والقانوني المعقد.
كما يسعى إلى تقنين مسألة الأتعاب المستحقة بشكل يضمن تحقيق التوازن بين الجهد المبذول من قبل السنديك وطبيعة المهام الموكولة إليه، بما يكرس مبادئ الشفافية والعدالة والإنصاف في هذا الصدد.
وعلى الصعيد العملي، من المتوقع أن يفضي اعتماد هذا المرسوم إلى تقليص الآجال المرتبطة بمساطر معالجة صعوبات المقاولة، عبر تبسيط الإجراءات وتعزيز الطابع المهني للأطراف المتدخلة.
كما يشكل هذا التوجه امتدادا لسياسة الدولة الهادفة إلى تحسين النجاعة القضائية، من خلال توحيد المعايير وتحقيق الفعالية الإجرائية، وهي مقومات أساسية لتحسين مناخ الأعمال وتعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية الوطنية.
ويمكن النظر إلى هذا الإصلاح في سياق أوسع يتمثل في تنفيذ خارطة الطريق الممتدة من سنة 2023 إلى سنة 2026، والرامية إلى تحديث المنظومة القانونية والقضائية ذات الصلة بالمجال الاقتصادي.
إذ ينتظر أن تفضي هذه الخطوة إلى تعزيز الإطار القانوني الذي ينظم علاقة المقاولة بمحيطها القضائي والاقتصادي، من خلال تقوية آليات الوقاية والمعالجة، بما يمكن الوحدات الإنتاجية من تجاوز التعثرات والإكراهات التي قد تعترض نشاطها.
وعلى المستوى الاستراتيجي الأعم، يعكس مشروع هذا المرسوم الإرادة المؤسساتية لمواكبة التحولات الاقتصادية الراهنة، وذلك عبر ملاءمة التشريع الوطني مع متطلبات الحكامة الجيدة والتنمية المستدامة.
كما يجسد تصورا واضحا لبناء منظومة قضائية وتجارية متماسكة، قادرة على الاستجابة لمتطلبات الفاعلين الاقتصاديين، وضامنة لتوازن المصالح بين الدائنين والمدينين، في سياق يحترم سيادة القانون ويعزز ثقة المتعاملين في المؤسسة القضائية.
وفي المحصلة، يمثل هذا المرسوم عنصرا مركزيا ضمن رؤية إصلاحية متكاملة تستهدف الارتقاء بمساطر معالجة صعوبات المقاولة، في إطار من الانسجام بين الأهداف التشريعية والأولويات التنموية، بما يضمن ترسيخ الثقة في العدالة الاقتصادية ويسهم في دعم مرتكزات الاقتصاد الوطني.
تعليق واحد