قررت وزارة الدفاع الإسبانية تعليق صفقة شراء 1680 صاروخًا مضادًا للدبابات من طراز سبايك LR2، بالإضافة إلى منصات إطلاق، من شركة “رافائيل” الإسرائيلية للصناعات العسكرية، وذلك بقيمة تقديرية بلغت نحو 287.5 مليون يورو (أكثر من مليار شيكل).
وبحسب مصادر إعلامية إسبانية، فإن الصفقة كانت تستهدف تعزيز قدرات القوات البرية الإسبانية، مع خطط لتصنيع الصواريخ محليًا داخل إسبانيا بموجب ترخيص تقني من الشركة الإسرائيلية.
إلا أن القرار الأخير يأتي في إطار توجه استراتيجي جديد لوزارة الدفاع الإسبانية، يسعى إلى تقليص الاعتماد على التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، ضمن ما تسميه الحكومة “فك الارتباط التكنولوجي” بهدف إنهاء التبعية في قطاع الدفاع.
ويبدو أن هذا التوجه لم يأتِ بمعزل عن التطورات السياسية الداخلية والخارجية، إذ تصاعدت الضغوط من أحزاب يسارية ومنظمات مجتمع مدني تطالب بوقف التعاون العسكري مع إسرائيل، في ظل الانتقادات الموجهة للأخيرة بسبب عملياتها العسكرية المستمرة في قطاع غزة، والتي وصفت من قبل منظمات حقوقية بأنها تنطوي على شبهات ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ويأتي القرار بعد خطوات مماثلة، منها إلغاء عقد سابق لوزارة الداخلية الإسبانية كان مخصصًا لشراء ذخائر من شركات إسرائيلية، مما يشير إلى تنامي موقف سياسي متماسك داخل مؤسسات الدولة الإسبانية ضد استمرار التعاون التسليحي مع تل أبيب.
ورغم هذا التحول، تستمر إسبانيا في تطوير قدراتها الصاروخية عبر مشروع “SILAM”، وهو نظام إطلاق صواريخ متعددة يُطوّر بالكامل باستخدام تكنولوجيا محلية، بينما تبحث وزارة الدفاع عن بدائل لأنظمة الصواريخ الإسرائيلية، ومن أبرز الخيارات المطروحة الصاروخ الأمريكي “جافلين”، الذي يستخدمه عدد من حلفاء الناتو.
يمثل القرار الإسباني محطة فارقة في علاقات التعاون الدفاعي مع إسرائيل، ويعكس تحوّلًا سياسيًا واستراتيجيًا آخذًا في التشكل داخل أوروبا، حيث تتزايد الدعوات إلى مراجعة الشراكات العسكرية مع تل أبيب على خلفية الأزمة المستمرة في غزة.
كما يبرز البعد الصناعي في القرار، إذ تراهن إسبانيا على تعزيز صناعاتها الدفاعية المحلية وتقليص تبعيتها الخارجية، ما قد يفتح الباب أمام تحالفات تكنولوجية جديدة مع شركاء غربيين أو داخل الاتحاد الأوروبي.
بهذا الإجراء، تضع مدريد نفسها في موقف أكثر انسجاما مع توجهات الرأي العام المحلي والقوى السياسية الداعمة لحقوق الإنسان، في وقت تشهد فيه السياسات الأوروبية تجاه إسرائيل إعادة تقييم على ضوء الانتهاكات المتكررة في الأراضي الفلسطينية.