أغلقت السلطات الفرنسية أجنحة أربع من أكبر الشركات الدفاعية الإسرائيلية المشاركة في معرض باريس الجوي، وهي: “إلبيط سيستمز”، و”رافائيل”، و”الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)”، و”يوفيجن”، بعد رفضها إزالة أسلحة هجومية من معروضاتها، امتثالًا لتوجيهات وكالة أمنية فرنسية.
وأفاد مصدر فرنسي أن السلطات الفرنسية أصدرت الأوامر بالإغلاق عقب تجاهل الشركات الإسرائيلية للتحذيرات المسبقة، ما دفع المنظمين إلى إقامة حواجز سوداء لعزل الأجنحة الإسرائيلية. ووصفت وزارة الدفاع الإسرائيلية القرار بـ”الفضيحة غير المسبوقة”، معتبرة أنه يحمل أبعادًا سياسية وتجارية تهدف إلى تحجيم منافسة الشركات الإسرائيلية في السوق الأوروبية.
القرار الفرنسي، الذي نفذ أمس الاثنين بعد انتهاء تجهيز المعروضات، أثار ردود فعل غاضبة من جانب الشركات الإسرائيلية ومسؤولين أميركيين، حيث شبّه رئيس الصناعات الجوية الإسرائيلية بواز ليفي الخطوة بـ”أيام مظلمة من التمييز ضد اليهود”، فيما اتهم مسؤولون من “إلبيط” و”رافائيل” فرنسا بمحاولة منع المنافسة التقنية في السوق الأوروبية.
يأتي هذا الإجراء في سياق تصاعد التوتر الدبلوماسي بين باريس وتل أبيب، خاصة في ظل رفض فرنسا لبعض سياسات حكومة نتنياهو في غزة وضد إيران. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد شدد مؤخرًا على ضرورة التمييز بين الدفاع المشروع عن النفس والضربات التي تثير تصعيدًا إقليميًا.
من جانبها، أكدت السيناتورة الجمهورية الأميركية كاتي بريت، وحاكمة ولاية أركنسو سارة ساندرز، دعمهما لإسرائيل وانتقدتا ما اعتبرتاه “تمييزًا واضحًا وغير مبرر”.
القرار الفرنسي حسب مراقبين يعكس تحولا تدريجيًا في مقاربة باريس تجاه إسرائيل، ويأتي في لحظة حساسة يشهد فيها العالم تفاقم الاستقطاب الجيوسياسي..
فبينما تسعى فرنسا للحفاظ على دورها الدبلوماسي الوسيط في الشرق الأوسط، يبدو أنها تبعث برسالة ضمنية تعبر فيها عن تحفظاتها على سلوك الحكومة الإسرائيلية إقليميًا، دون إعلان قطيعة مباشرة.
كما يكشف الحدث عن عمق المنافسة في سوق الأسلحة الأوروبية، حيث يتداخل البُعد السياسي مع البعد التجاري.
وفي الوقت الذي ترى فيه الشركات الإسرائيلية أن الخطوة مدفوعة بالحسد المهني، فإن فرنسا تسعى على ما يبدو لإعادة ضبط حدود ما يُعرض دوليًا في ظل تصاعد الانتقادات الحقوقية لسلوك بعض الصناعات العسكرية.
الإغلاق الفرنسي لأجنحة شركات السلاح الإسرائيلية ليس مجرد قرار تنظيمي، بل تجل لانزياح سياسي متنام في العلاقة بين البلدين.
ورغم محاولة المنظمين احتواء الموقف، فإن هذا الحادث مرشح لأن يترك تداعيات أوسع على مستوى التعاون العسكري الأوروبي الإسرائيلي في المستقبل القريب.