يرتقب أن يقوم صاحب الجلالة الملك محمد السادس بزيارة رسمية إلى فرنسا خلال الربع الأخير من عام 2025 أو بداية العام المقبل، في خطوة منتظرة لتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين الرباط وباريس، بعد إعلان فرنسا دعمها الواضح لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
الزيارة، التي ستسبقها اجتماعات تحضيرية وفق مصادر دبلوماسية أبرزها اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي حكومتي البلدين، تهدف إلى إعادة تفعيل مشاريع كبرى وتوقيع اتفاقيات جديدة تشمل مجالات الاستثمار، الأمن، الهجرة والتعاون العسكري، خصوصاً في مجال الطيران والتكنولوجيا الدفاعية.
ومن المقرر عقد اجتماعات متعددة خلال الصيف، أبرزها اجتماع حول الهجرة في 25 يونيو وزيارة وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت لباريس في 7 يوليو، في إطار التنسيق لمعالجة أوضاع المهاجرين غير النظاميين وتفعيل اتفاق لتحديد الجنسيات.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وجّه رسالة رسمية إلى الملك محمد السادس في يوليو 2024، أعرب فيها عن دعم بلاده الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، مؤكداً أنها “الأساس الوحيد لحل سياسي عادل ودائم” وفق قرارات مجلس الأمن.
فرنسا، التي تعد أول شريك اقتصادي للمغرب وأكبر مستثمر أجنبي فيه، تعتبر المملكة شريكاً محورياً في إدارة قضايا الهجرة والتعاون الأمني في منطقة الساحل، خاصة في ظل تراجع النفوذ الفرنسي بعد سحب قواتها من عدة دول إفريقية.
الزيارة المرتقبة تأتي في لحظة جيوسياسية دقيقة، تعكس تلاقياً نادراً بين المصالح الأمنية الفرنسية المتراجعة في إفريقيا والحضور المغربي المتزايد في القارة.
إذ تحاول باريس إعادة التموقع في شمال إفريقيا عبر بوابة الرباط، بعدما فشلت في الحفاظ على نفوذها في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
في المقابل، توظف الرباط هذا التقارب لتثبيت موقفها في ملف الصحراء المغربية، عبر كسب دعم قوة أوروبية مركزية في مجلس الأمن.
الزيارة ستكون اختباراً لمدى تحوّل هذا التقارب من مجرد رسائل دبلوماسية إلى شراكة استراتيجية فعّالة، خصوصاً في ظل تحولات تفرضها الحرب في أوكرانيا، والصراع الإقليمي في الشرق الأوسط، والتنافس الدولي في إفريقيا.