أفريقياسياسة
أخر الأخبار

عودة الجنرال حسان: الدولة العميقة الجزائرية تعيد إنتاج رموز القمع وتدوس على ذاكرة تيقنتورين

ويُعتبر المتهم الأول في قضية الهجوم الدامي على منشأة تيقنتورين الغازية عام 2013، 30 كم غرب عين أمناس الذي أودى بحياة 38 رهينة أجنبية.

بالنظر إلى المستجدات المتواترة من مصادر موثوقة، تبرز معالم تحول لافت في المشهد الأمني الجزائري، عنوانه الأبرز إنهاء مهام الجنرال ناصر الجن، وتعيين الجنرال حسان، المعروف سابقًا بقائد “السكورات”، على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي.

هذا التعيين ليس تفصيلاً إدارياً بقدر ما هو مؤشر صارخ على عودة رموز الحقبة الأمنية القديمة إلى واجهة صناعة القرار، في وقت تعيش فيه البلاد والمنطقة توترات غير مسبوقة.

الجنرال حسان، أو آيت أوعرابي، ليس وجهًا عاديًا في المنظومة الأمنية الجزائرية، بل كان أحد أبرز رجالات الجنرال توفيق وذراعه اليمنى، وأحد العقول المدبرة لعمليات “السكورات” (S.C.O.R.A.T)، الجهاز التنسيقي للعمليات والاستخبارات الخاصة بمكافحة الإرهاب. غير أن تاريخه لا يخلو من ظلال قاتمة.

فالرجل سبق أن وُجّهت له اتهامات خطيرة تتعلق بتجاوز الصلاحيات، والانخراط في صناعة واختراق الجماعات الإرهابية بدلاً من محاربتها.

ويُعتبر المتهم الأول في قضية الهجوم الدامي على منشأة تيقنتورين الغازية عام 2013، 30 كم غرب عين أمناس الذي أودى بحياة 38 رهينة أجنبية.

وهي الحادثة التي أثارت غضب واشنطن بشدة، وانتهت بإدانته وسجنه خمس سنوات بقرار من القضاء العسكري سنة 2015.

منشأة تيقنتورين الغازية.. 30 كم غرب عين أمناس

عودة هذا الجنرال اليوم، رغم هذا السجل الحافل بالجدل والدم، لا يمكن قراءتها سوى في سياق واحد: النظام الجزائري مستمر في تكريس ثقافة الإفلات من العقاب، وتدوير رموز الأجهزة القمعية المتورطة في ملفات سوداء لا تزال طي الكتمان.

والأدهى من ذلك، إذا صحت الأنباء التي تفيد بأن هذا التعيين يتزامن مع تسويات خلف الكواليس مع عسكريين منفيين، خشية تسريب أسرار المؤسسة العسكرية إلى أطراف أجنبية، فإن الأمر يكشف عن مدى هشاشة المنظومة الأمنية القائمة.

المفارقة الصادمة أن رجلًا تسبب في أزمة دبلوماسية مع واشنطن، وأدين بمخالفات جسيمة، يُعاد اليوم إلى موقع القرار، في قلب أخطر جهاز أمني في البلاد.

هذا التعيين لا يعكس فقط غياب الإرادة في بناء مؤسسة أمنية حديثة وشفافة، بل يكرّس تغوّل منطق “الدولة الأمنية” وعودة العقلية القديمة التي ما تزال تؤمن بأن القمع والتجسس والاختراق هي السبيل الوحيد لحفظ الاستقرار.

إن تعيين الجنرال حسان، دون أي مساءلة أو مراجعة نقدية، هو رسالة واضحة: النظام لا يعتذر، لا يتغير، ولا يخجل من إعادة تدوير من تعتبرهم الشعوب والضمائر الحية ضالعين في مآسيها.

وفي انتظار ما ستكشفه الأيام القادمة، تبقى الجزائر رهينة اختيارات أمنية متهورة، تراهن على الوجوه المحروقة بدل الكفاءات النظيفة، وعلى رموز القمع بدل بناء الثقة مع المواطنين.

https://anbaaexpress.ma/t4o07

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى