تكررت الاتصالات بين السيدة 13 والسيد 95 بصورة مزعجة للغاية، لدرجة أن هاتفيهما لا يكادان يتوقفان لحظة. زد على ذلك أن تم التعارف بينهما في الفيسبوك، ثم كان ما يعرف بالدخول في “الخاص”؛ أي الماسنجر، ثم ما إن مضت سويعات حتى تبادلا الأرقام القياسية العالمية للتواصل واتساب، وهاك يا حب، وهاك يا غرام، وهاك يا صور (ركّز على الصور دي).
وكان التعارف التلقائي كالآتي:
13: اسمي 13، ساكنة حديقة الورد، لسه ما خلصت دراسة، وانت؟
95: اسمي 95، ساكن حديقة الحيوان، مريض وعاطل عن العمل.
13: ممكن ترسل لي صورتك؟
95: من دواعي سروري، وانتي برضك رسلي لي الصور الجميلة.
وهكذا، من هنا تبدأ الشغلانة..
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى غيره من الموضوعات ذات الطابع الجنسي بطبيعة الحال. بل، إن لم يكن غيره، من حديث يتماشى مع ثورة التطور الجسدي، أو قل: ثورة الجسم الجموح.
وما أكثر سمات التعارف على هذا الوجه، ولكنه دائماً ما يفضي إلى لا شيء ذي بال. لكن الأهم من النتيجة الإيجابية ـ كالزواج مثلاً ـ فإنه يكون ديدن السيدة 13 والسيد 95 طيلة ساعات المؤانسة.
أما غيره، فقد يذهب جفاء بلا منازع، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، أرض المعارض والمؤتمرات والندوات الرقمية لتعزيز التعاون المشترك بين 13 و95.
حسناً! لنأتِ لنهاية كل علاقة، أو قل: سمة كل اتصال. هو أحد الأمور التالية:
إما مساعدة مالية، أو عزيمة لإقامة علاقة غير مشروعة ـ وربما مشروعة ـ، وإما مضيعة للوقت والجهد والمال الذي يُنفق على باقة الإنترنت، وهو مربط الفرس بلا منازع.
والمستفيد الأوحد هنا هي شركات الاتصالات، والسيد مارك زغبير بلا شك.
ألحت السيدة 13 على السيد 95 بأن تتم مراسم الزواج بدون أي تكلفة، وبدون أي التزامات مالية أو عينية، أو الاثنين معاً (سمع: زواج متعة، أو زواج مسيار، أو زواج شرفي، أياً ما شئت)؛ شريطة أن يكونا معاً ولو لليلة واحدة فقط، ليحدث ما يحدث. واتفقا على ذلك، لكن..
نعم! زواج كامل الأركان، وشرعي، وحلال بلا زوبعة، لكنه مؤقت ومشروط بليلة واحدة فقط (ليلة الدخلة).
هذا ما يثير الشفقة والرحمة على الحب والزواج نفسه، الذي انتقل من طلب السكينة والطمأنينة والمرحمة، إلى طلب صداقة قوية جداً لا ينفع دونها إلا البلل. والحل في “البل”، كما هو سائر اليوم من الترند الرقمي.
ما يقدمانه لبعضهما البعض من مشهيات ومغريات جسدية، وكلمات منمقة ذات الطابع الجنسي المشترك، لوليمة قابلة للالتهام عبر الصور والفيديوهات لنادي العراة بباريس، أو نوتردام، أو قل: شاطئ العراة بساحل إسرائيل، لهو قمين بأن تتم مراسم الزواج بأي صورة كانت.
وقلما يحدث ويتحقق هذا المأرب المشروع بسلوك غير مشروع، وهذه من آفات الوسائط الرقمية الحديثة بلا حدود.
أخبرته أنها تحبه، وتعشق التراب الذي يمشي عليه، وأقسمت باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، وبكل آلهة اليونان القديمة والحديثة، وبالخال ترامب ـ نعم، الخال دونالد ترامب ـ، أنها ستكون في خدمته مدى الحياة إن هو قبل بها زوجة، ولو ليوم واحد فقط.
فعلاً، قبل السيد 95 العرض الموضوعي من السيدة 13 باعتباره غير مكلف، وغير ملزم قانونياً، وما هي إلا ليلة واحدة تجمعهما في إحدى شقق القاهرة الفاخرة، ثم ينفض المجلس عن سامره برمته، ويا دار ما دخلك شر.
حقيقة، هذه الليلة الكبرى من ليالي الإبداع الرقمي في مدينة القاهرة التي لا تنام، لهي قمينة بأن تضع كل قوانينها المدنية والشرعية في طبق من ذهب، وتقدمه هي للسيد الفهلوي 95.
لأن نتاج تلكم الليلة المنيلة بستين نيلة، تمخضت عن فأر يسمى: “يتربى في عزك”.
ولا أحدثكم عن بحر الفضائح والنوائح، والفواتير باهظة الثمن، وهاك يا محاكم، وهاك يا أمشي وتعال.
يا نهار أسود! كل ده عشان ليلة دخلة؟
بما أن الزواج حلال، على سنة الله ورسوله، فلماذا يتباطآن في الاستمرارية لعلاقة حميمية مستمرة، ينتج عنها بنين وبنات، وخلصت الحدوتة، والشر برة وبعيد؟
الواقع، أن السيد 95 لا يريد المزيد من المشاكل والخلافات التي حدثت بينه وبين زوجته الأولى من تجارب الأداء السابقة الفاشلة، ومغامرات ماوكلي وطرزان في بلاد السند واليونان، والتي أنجب منها البنين والبنات، فيزيد الطين بلة.
لكن، لعنة الله على استعمال الوسائط الرقمية الخطأ! هي التي جلبت التمر إلى هَجَر.
لم يخبر أيٌّ منهما الآخر بأنه متزوج من امرأة أخرى أو رجل آخر، أثناء المحادثات الليلية التي أحدثت ثورة رومانسية، وضجة غريزية واضحتين لا فكاك عنهما، إلا بليلة الدخلة التذكارية لتوثيق هذه الأمسية الرائعة.
ثم، ليست من طريقة أن تطلق زوجها، وليس من سبيل ليطلق زوجته، ولا منفذ بمغادرة المقاعد الأمامية، وإبدالها بمقاعد دبلوماسية جديدة.
فالموت تأخر لزوج السيدة 13، وتأخر جداً عن زوجة السيد 95.
ولم تجد كل المحاولات الهجومية لأن يتبادلا ولو قبلة عرضية سريعة، أو لمسة جنسية ثقيلة، مستعملة أو جديدة في ذات الوقت، رغم قطعهما المسافات الطويلة للأمكنة البعيدة، والأزمنة القريبة.
ربما تكون جارته، أو عشيقته، في مكان ما من العالم. المهم: هما قريبان من بعضهما البعض، بحيث كل الطرق والجسور والموانئ مسدودة.. (“طريقك مسدود مسدود مسدود يا ولدي” — بصوت عبد الحليم حافظ).
والعمل عمل ربنا.
لم يجدا بداً من المقابلة الشخصية، سواء كانت بالميديا أو حقيقة، بياناً بالعمل.
ويظل الإشكال قائماً بلا نهاية، كما ترى. أولست ترى؟
لك أن تعرف وتفهم، أيها القارئ اللبيب النجيب، إن السيدة 13 والسيد 95 يحبان بعضهما البعض، بحيث لا ينفع إلا أن يجتمعا في ليلة واحدة فقط، هي ليلة الدخلة التذكارية، في أي مكان من شقق القاهرة الفاخرة الباهرة، لتوثيق هذه العلاقة المترامية الأطراف جداً.
وليكن ما يكن: “زوجة ليوم واحد فقط”، والتمطر حصو.
التمطر حصو الليلة قبال باكر.
هردتوا مصارينا، ياخ!
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
للقصة بقية.. لا تنتظروها.
* ملحوظة: الصورة للكأس التي تحطمت