تأتي الأحداث الدامية التي شهدتها طرابلس مؤخراً، والتي أسفرت عن مقتل القيادي العسكري عبد الغني الككلي “غنيوة”، رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، كنتيجة لتراكمات طويلة من الصراعات الخفية والمتشابكة بين الفصائل والمصالح المتنافسة في ليبيا.
هذه التراكمات التي لم تجد حلولا جذرية، فجرت الوضع وأطلقت العنان لصراع دموي بين مليشيات مسلحة تسعى للسيطرة على العاصمة، مما أدى إلى تصاعد العنف وانهيار شبه كامل للاستقرار الأمني في البلاد.
وفي قرار تاريخي وحاسم، أصدر المجلس الرئاسي الليبي، بصفته القائد الأعلى للجيش، أمرًا عاجلًا بتجميد جميع القرارات التي اتخذتها حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايتها، والمتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية وتكليف شخصيات عسكرية وأمنية.
جاء هذا القرار ليضع حدًا لتجاوزات خطيرة في صلاحيات الحكومة الانتقالية التي أثرت بشكل سلبي على استقرار البلاد.
التوترات الأمنية في طرابلس بلغت ذروتها بعد مقتل القيادي العسكري المعروف عبد الغني الككلي “غنيوة”، والذي شكّل شرارة انفجار العنف وتصاعد الصراع بين مليشيات مسلحة تسعى إلى فرض سيطرتها بالقوة، على حساب الدولة ومؤسساتها الشرعية.
هذه المليشيات التي تتحكم في المشهد الأمني في العاصمة، تعكس واقعًا مروعًا يهدد وحدة ليبيا ويعرقل بناء جيش وطني متكامل، على عكس ما يمثله المشير خليفة حفتر من جيش منظّم وقادر على فرض النظام.
المجلس الرئاسي أعلن وقف إطلاق النار فورًا في جميع مناطق البلاد، وكلف رئاسة الأركان العامة بمراقبة الوضع على الأرض وتقييم الخروقات، مؤكداً أن العودة الفورية لجميع الوحدات العسكرية إلى مقراتها هي الطريق الوحيد لمنع تفاقم الفوضى وتأمين السلم الأهلي.
في الوقت ذاته، شكل المجلس لجنة تقصّي حقائق برئاسة الفريق محمد الحداد، للتحقيق في الأضرار المادية والبشرية التي نتجت عن التصعيد، وتحديد المسؤولين الحقيقيين عن هذه الفوضى.
الواقع الليبي اليوم يكشف صراعًا خفيًا ودمويًا بين المحاور السياسية والعسكرية، خصوصًا بين رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، حيث تتداخل مصالح إقليمية وأجندات خارجية في هذا الصراع.
تقارير عدة، منها تقرير أنباء إكسبريس، تؤكد أن محمد المنفي أصبح تابعًا لأجندة الجنرالات الجزائريين، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويبعد ليبيا أكثر عن الاستقرار.
وسط هذا الانهيار الأمني والسياسي، تبرز المطالب القوية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وترسيخ جيش وطني واحد قادر على فرض القانون وحماية سيادة البلاد، بعيدًا عن فوضى المليشيات المسلحة التي لا تمثل إلا ذاتها وتخدم أجندات ضيقة على حساب مستقبل ليبيا وأمن شعبها.
الوقت لم يعد يحتمل المزيد من التجاذبات والصراعات التي تهدد أمن البلاد واستقرارها، وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم في حماية ليبيا من الانزلاق نحو حرب أهلية شاملة لا تبقي ولا تذر.
تعليق واحد