الشأن الإسبانيسياسة
أخر الأخبار

الاستقطاب السياسي يتصاعد في إسبانيا وسط أزمات داخلية وتراجع ثقة الناخبين “تحليل”

لا يبدو أن الصعود النسبي لليمين يعكس اقتناعا جماهيريا ببرامجه بقدر ما يعبر عن عقاب سياسي للائتلاف الحاكم

في ظل أجواء سياسية مشحونة تعيشها إسبانيا، تزامنا مع انقطاع عام في الكهرباء وأزمة في شبكة القطارات الفائقة السرعة بفعل سرقة الكابلات، كشفت آخر استطلاعات “مركز البحوث الاجتماعية” (CIS) وإطلعت أنباء إكسبريس على نسخة منه عن تغييرات لافتة في الخريطة السياسية للبلاد.

أظهر الاستطلاع تقدم الحزب الشعبي (PP) بـ3.2 نقاط في نوايا التصويت خلال شهر واحد، مقلصًا الفارق مع الحزب الاشتراكي الحاكم (PSOE) إلى 2.7 نقاط فقط، بعدما كان 6.5. وعلى الرغم من تراجع الاشتراكيين بستة أعشار، إلا أنهم حافظوا على الصدارة بـ32% من الأصوات، مقابل 29.3% لحزب الشعب.

في المقابل، تراجع حزب “Vox” اليميني المتطرف إلى 13.7%، فيما انخفض دعم تحالف “سومار” إلى 6.1%، بينما شهد حزب “بوديموس” تحسنًا طفيفًا مسجلًا 4.3%. أما الأحزاب الإقليمية كـ”ERC” و”Junts” و”PNV”، فسجلت تغييرات طفيفة في نسب التأييد.

وأثار مقترح حكومي بخفض سن التصويت إلى 16 عامًا جدلاً واسعًا، إذ عبّر 79.3% من الإسبان عن رفضهم، خاصة من ناخبي “PP” و”Vox”، مقابل تأييد محدود من الأحزاب القومية مثل “ERC” و”Bildu”.

على صعيد الأولويات المجتمعية، تصدرت أزمة السكن قائمة الاهتمامات بـ25.5%، تليها البطالة والوضع الاقتصادي، في حين ارتفعت نسبة القلق من “المشكلات السياسية العامة” إلى 19.7%.

أما على مستوى الشعبية، فلا يزال بيدرو سانشيز يتصدر قائمة الزعماء المفضلين لرئاسة الحكومة بنسبة 25.4%، مقابل 10.2% فقط لخصمه فيخو. ومع ذلك، يبقى 27% من الناخبين دون مرشح مفضل، ما يعكس تآكل الثقة في الطبقة السياسية.

وتأتي هذه المعطيات وسط تصعيد في المواجهات البرلمانية بين سانشيز وفييخو، حيث تبادل الطرفان الاتهامات، وذهب زعيم المعارضة إلى حد المطالبة بانتخابات مبكرة.

في ظل هذا المناخ المتوتر، تستمر إسبانيا في مواجهة تحديات داخلية وسياسية عميقة، وسط استقطاب متزايد وناخبين يفقدون الثقة شيئا فشيئا في القوى التقليدية.

المشهد مرشح لتحولات جذرية إذا لم تنجح القوى السياسية في استعادة خطابها الاجتماعي وإعادة بناء العلاقة مع المواطن.

ويشير التقدم الملحوظ للحزب الشعبي (PP) في استطلاعات الرأي، مقابل تراجع الحزب الاشتراكي (PSOE) واهتزاز أداء أحزاب اليسار مثل “سومار”، إلى تحوّل تدريجي في المزاج الانتخابي الإسباني يعكس تصاعد الإحباط الشعبي من أداء الحكومة وارتباكها في إدارة الأزمات اليومية، خصوصًا تلك المرتبطة بالبنية التحتية والخدمات الأساسية.

في المقابل، لا يبدو أن الصعود النسبي لليمين يعكس اقتناعا جماهيريا ببرامجه بقدر ما يعبر عن عقاب سياسي للائتلاف الحاكم.

وتظهر الأرقام أيضا أزمة تمثيلية أعمق، حيث تزداد الهوة بين المواطنين والطبقة السياسية، خاصة مع ارتفاع نسبة غير المقتنعين بأي زعيم سياسي، ما ينذر بتصاعد العزوف أو التصويت العقابي في الاستحقاقات القادمة.

ووفق مراقبون للشأن الإسباني الانتخابات المقبلة ستكون اختبارا حقيقيا لنضج الديمقراطية الإسبانية، وقد تكون فرصة لإعادة صياغة المشروع الوطني في ظل أزمات مركبة.

https://anbaaexpress.ma/jmj7g

عبد الحي كريط

باحث وكاتب مغربي، مهتم بالشأن الإسباني، مدير نشر أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى