ـ أما موضوع الشرك والثنائية فأيضا جاءت في آية: لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا؟ وهو ما يسمونه دليل الممانعة = اذا بقيا متفقين طول الوقت فهما واحد. وإن اختلفا فمن تتم إرادته فهو الخالق القادر المستطيع، ومن لم تتحقق إرادته فليس بمستطيع فليس بإله؟ هذا إذا قررنا منذ البداية أن صفة الله القدرة المطلقة بدون ممانعة؟
ـ وبالتالي يكون قد تم نسف الركيزة الأولى من عمود مهتز بدون قاعدة فخر عليهم السقف من فوقهم ، ومنه نحن أمام كلي القدرة واحد أحد كلي المعرفة والعدل والرحمة الخلاق في ولادة هذا الكون ولا اقول الوجود؛ لأن نظرية الانفجار العظيم التي تنص على ولادة مدهشة للكون قبل 13.7 مليار سنة تتحدث عن شيء مستحيل تصوره بل تعقله كما يقول صاحب كتاب قصة الإيمان الجسر أن يكون جميع الكون وما نعرف من مليارات المجرات في حيز أقل من بروتون واحد ومنه قالوا بالنقطة الرياضية المتفردة (SINGULATITY) فليس من مادة؟ ومنه انبثقت مكونات الوجود الخمسة = الطاقة والمادة والزمان والمكان والقوانين؟ والطاقة بدورها خمسا (الكهرباء والمغناطيس والجاذبية وقوى النواة القوية والضعيفة) وقفزا إلى ظاهرة الحياة = التجدد وانتهاء بظاهرة الحياة من الحي الذي لا يموت.
ـ جاء في آخر سورة يس قصة الذي أراد (تفهيم رب العزة بضرب المثل لهذا الجاهل الله عفوا) وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم؟ ليأتيه الجواب البسيط: كما بدأنا أول خلق نعيده؛ بل ومن الشجر الأخضر ينقدح النار غير المفهومة؟ بل إنه أهون عليه كما في الاختراعات التي تبدأ طفرة وبالصدفة لتخضع للقانون فتتكرر صناعة وبسهولة كما في استخراج الكينا للملاريا من شجر الكاليبتوس، والأسبرين من شجر الصفصاف، وكذلك الديجتال علاجا للقلب؟ وهو مثل يقربه لنا القرآن لنفهم؟
ـ لتقريب الموضوع علميا أقول: كمبيوتر متقدم جدا مع حفنة تراب طالما كنا من التراب وإليه نعود.. يقوم الكمبيوتر بتركيبنا ماديا وبكل سهولة طالما عرفنا أن الكود الوراثي عندنا مكون من أربعة أحماض نووية هي (A C T G) ادنين وسيتوزين وثيمين وجوانين بينها جسور كبريتية في ثلاث مليارات حمض نووي في الخلية الواحدة من جسمنا المكون من 70 مليون مليون خلية (70 الف مليار). أقول يمكن لكمبيوتر متقدم وبواسطة الذكاء الصناعي أعادة تركيب قوامنا كما في مكونات الكمبيوتر (يسمونها هارد وير وسوفت وير Hard Ware).
سوف يستطيع الكمبيوتر منحنا قوامنا على شكل ميت، أما الروح فمن أين؟ فضلا عن البرامج وما حملت الذاكرة؟
اقتربت ماري شيللي عام 1818 م في فهم الظاهرة في قصة فرانكنشتاين التي انتهت بكارثة في بعث الروح في جسد كله عوج؟ هنا نحن مع الكمبيوتر في تحد لا جواب عندنا عن ظاهرة الحياة التي يحيط بها من سواها ومنه ضرب القرآن المثل في العنكبوت والنمل والبعوضة والنحلة؟
ـ اذن المشكلة المضاعفة هي الروح، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين.. ثم نفخ فيه الروح.. وفي مكان ثاني: ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين.
فما هي هذه الروح التي أنكرتها جملة وتفصيلا بسرعة وبقدر من البلاهة وعدم التبصر تحسد عليها ومنه جاء القرآن في التحدي عن سر الخلق في أمثلة شتى منها البعوضة التي تسبب سنويا في موت ثمانية ملايين إنسان على وجه الأرض؟
ـ العلم الحالي بعد أن وصل إلى حافة اللايقين (Uncertainty Principle) في الفيزياء الذرية والنسبية الخاصة والعامة أو الكوانتوم كما حققه ماكس بلانك في ظاهرة الإشعاع للجسم الأسود وإشعاع الطاقة على شكل رزمات كل هذه العلوم تقف مبهوتة، مثل سخافة الملك الذي تحدى إبراهيم في ظاهرة الموت والحياة فبهت؟ أقول العلم الحالي مازال يقف مبهوتا أمام ظاهرة الموت والحياة فلا ينبس كما حصل مع نمرود إبراهيم، وأنت على ما يبدو من قبيلهم.؟
ـ وهكذا نصل إلى هدم الركيزة الثانية التي اعتمدت عليها فأصبحت هباء تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا. كما ترى أنت وصلت إلى سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفّاه حسابه؟
ـ نأتي الآن الى الظاهرة التي هدمتها بعجلة دون ندامة وهي علم الحديث الذي تعب فيها علماؤنا الأجلّون؛ بل أسسوا علما خاصا في نقل الأخبار هو علم (الجرح والتعديل) وعلم الحديث (رواية) وعلم الحديث (دراية) والذي أبدع فيه العلامة (ابن خلدون) حيث أسس المنهج النقدي في نقل الأخبار ووضع القاعدة السداسية في ذلك بقوله: (فاعلم إن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العامة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والاجتماع الإنساني ولا قيس الغائب منها بالشاهد ولا الذاهب بالحاضر فلا يأمن فيها الإنسان من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق والصواب وهو ما وقع لكثير من أئمة النقل والتفسير)..
بل ويذهب الرجل فيضرب ستة أمثلة على ذلك كما في جيش موسى الذي يصفه المؤرخون أنه كان جيشا بتعداد 600 ألف مقاتل فيقول الرجل ـ أعني ابن خلدون ـ والرجل عاش قريبا من السلطة السياسية أنه لا يعقل أن يقاتل جيش جيشا ولا يعرف أول الجيش ما يحدث في مؤخرته.
ويقول الرجل وعهدنا بتركيبة الجيوش ليست كذلك. بقي أن نضيف أن قاعدته هذه تم اختراقه بالتطور اللوجستي بتطور نظام الاتصالات مما أتاح لهتلر تحريك جيش قوامه خمسة ملايين جندي لاجتياح روسيا في الحرب الكونية العظمى.
ـ نعم هناك بضعا من الأحاديث تعرج فلا تمشي سويا على صراط مستقيم ونقصد بها حتى بعض الأحاديث الصحيحة والخطيرة والتي تصطدم مباشرة بالنص القرآني كما في (رجم المحصن) و(قتل المرتد) فالنص القرآني واضح في هذا أن الزنى عقوبته مائة جلدة تدشن علنيا لتأديب المتورطين، وهذه لا يمكن أن تحدث إلا من بشر استهتروا بالمجتمع فمارسوا الفاحشة في قارعة الطريق، وهذه لا تحدث حتى في الغرب المتورط في القباحات الجنسية؛ لأن طبيعة العلاقة الجنسية أن تتم بالخفاء في وسط مغلق فهو الأنسب نفسيا للممارسة؟
أما (رجم المحصن) فأعجب ما سمعت لعالم اشتهر في الفيديوهات قال عن تطبيق الحد أنه لا يشترط الحجر رميا بل البندقية دراكا، والرصاصة هي مثل الحجر؛ فيقتل المحصن بالتفنكة؟ والرجل يسمع له آلاف الناس سكارى؟
مع أن النص القرآني يفيد الجلد، والمرتد له ذلك فهو حر في قراره، كما هو الحال معك أيها النبيل، ولكن حذار أن تفوح رائحتك بين من يعمل معك إذا شعر أنك منافق ولست متدينا ملتزما كما وصفت وضعك بل زنديقا مريبا؟
ـ أكرر أن هذا قرارك ولكن مع الزمن ستفوح رائحة الكفر منك، ولو كنت في كندا لما حصل لك شيء، ولكن في الشرق انتبه لنفسك جيدا أن لا تفوح رائحة كفرك فتزكم الأنوف؟ وتكون نهايتك كما حصل لفرج فودة؟ وأضيف أن أحد خطباء المساجد المشهورين أراد كشف الستر عن اسمك فأبيت خوفا عليك من المتشددين الذين لاحقوا سلوان موكا حارق القرآن في السويد فأردوه قتيلا؟
ـ نعم هناك بعض الأحاديث التي يمكن ردها كما كتب علماءنا من قبل عن الأحاديث الواهية والضعيفة حتى لو كانت تحفة في الأدب حين اختل شرط النقل إي ما أسميه أنا تضخم علم الحديث رواية على علم الحديث دراية كما افادنا ابن خلدون في قاعدته السداسية.
وانا شخصيا اشتغلت على العلمين: علم الحديث وأنواع الأحاديث والجرح والتعديل ثم عكفت ولأشهر طويلة أقلب في الأحاديث فحفظت المئات التي هي درر من كنوز الحكمة والمعرفة بل وضعت كتابا بعنوان الأحاديث الحيوية لو أحببت الاطلاع عليه، لتكفر عن ذنبك في رفض الأحاديث جملة، كما فعل صديقك الشحرور وأمثاله فضلوا وأضلوا؟
ـ الكثير من المسلمين لا يقرأون الإنجيل ويقولون عنه أنه محرف، كما أن عامة النصارى لا يعرفون القرآن الا اللمم؟ كما رأيت ذلك عند الألمان في رحلتي تخصصي هناك (1975 ـ 1983) حين كنت أناقشهم (طبعا بلغتهم الجرمانية) فأقول لهم هاتوا لي فقرة واحدة من الأناجيل الأربعة (لوقا ـ متى ـ مرقس ـ يوحنا) فيها فقرة واحدة يقول فيها المسيح (يسوع) عن نفسه أنه رب السموات السبع ورب العرش العظيم يدير الأفلاك ويخلق الزرع والضرع والأجنة في الأرحام فكانوا يضعون أيديهم على افواههم ويقولون باللغة الألمانية (Das gibt doch nicht) أي لا يمكن أن يكون هذا، بل كان يذهب أحدهم من فرقة شهود يهوه (Zeugen jehovas) فيقول كيف نقل محمد التوراة والإنجيل ثم حرفهما فلم يتحرى الأمانة في النقل؟
فكنت أردد على مسامعهم بدون فائدة بسبب حجز المقاعد العقلية المسبقة كما يقول الفيلسوف (كانط) عن الأفكار المسبقة وكيف تحتل الأمكنة وتحتاج الكثير كي يتم استبدالها بغيرها أو كما يقولها القرآن عن عقدة الآبائية (إنا وجدنا آباءنا على أمة = طريقة وعادة مرتاحين لها ولا نريد تغييرها).
وفي هذه النقطة بالذات معهم حق لأن المجتمع يمشي على نسق وليس عنده استعداد أن يغير معطفه الاجتماعي مع كل ناعق، ومنه جاء في سورة العنكبوت أن الامتحان قدر كوني من أجل التمحيص كما يجري الآن في غزة مع كتابة هذه السطور (20 ابريل 2025م).
ـ نحن نعلم أن علاقة القرآن مع الرسالات السابقات ثلاثا: أولا الاعتراف الكامل بهم؛ فموسى وعيسى هم حلقات في سلسلة متصلة، ولكن الإسلام هو اللبنة الأخيرة في البناء الأخلاقي للبشرية، كما جاء في الحديث. اعتراف وتصديق وتصحيح مع إضافات جديدة لا تخرج عن النسق السابق ما سماها القرآن ومهيمنا عليه.
ـ إذن علينا أن نطلع على كل الكتب والثقافات ولو الكتاب الأحمر لماوتسي دونج فضلا عن القرآن والذكر الحكيم، والإنجيل مصدر مثير للاطلاع فأنصح أي محب للثقافة الاطلاع على الاناجيل الأربعة وأعمال الرسل مثل موعظة الجبل وقصة كرسي موسى أن يتبع الناس الأفكار ولكن حسب اعمالهم لا تعملوا لأنهم يحبون المتكأ الأول في المجالس وأن يناديهم الناس سيدي سيدي ولعلة يطيلون صلواتهم؟ ومنه لعنهم يسوع بقول أيها القادة العميان الويل لكم إنكم مثل القبور المنتنة من الخارج مطلية بيضاء ومن الداخل نجاسات وعظام أموات؟.
ـ الآن نأتي بعد أن هدمنا كل تلك البنى الباطلة من إنكار الله ووحيه والكتب المنزلة وأقوال الأنبياء عبر التاريخ لنخلص بالنتيجة التي انتهى إليها الرهان الباسكالي (الفيلسوف الفرنسي رينيه باسكال)
وأكده المعري في شعره:
لنفترض أيها النبيل أن ما تقوله حقا فنموت مثل أي جرذ حقل فلا آخرة ولا حساب للبراميلي الذي قتل مليونين وهجر 15 مليونا؟ لا شيء على الإطلاق فكلنا أنا وأنت والبراميلي سواء؟؟ ولكن ماذا تقول لو تبين أن هناك شيء؟ فماذا ستقول أنت والبراميلي حينها؟
في هذا انشد المعري الذي هدم الطائفيون قبره في سوريا:
قال الطبيب والمنجــم كلاهـــــما لا تحشر الأجساد قلت اليــــــكما
إن صح قولكما فلست بخاســــر وإن صح قولي فالخسار عليكما
طهرت ثوبي للصلاة وقبله طهر فأين الطهر من ثوبيكـــــــــــــما
ترك النص كما هو بدون تغيير فقط ترتيب الفواصل