في الشمال المغربي، حيث تمتد جبال الريف وتتعانق مع سماء المتوسط، تبرز قبيلة بني زيات كواحدة من القبائل الأصيلة التي تنتمي إلى النسيج الاجتماعي والثقافي لمنطقة جبالة، المعروفة بتنوعها الإثني وغناها التاريخي.
قبيلة بني زيات هي إحدى القبائل التابعة لاتحادية غمارة، وهي اتحادية قبلية تضم مجموعة من القبائل المرتبطة بروابط الدم والتاريخ، من بينها قبائل بني منصور وبني جرير، وتُعد بني زيات فرعاً من قبيلة بني نال، التي تمثل أحد المكونات الرئيسية لسلالة غمارة العريقة.
تقع أراضي القبيلة في قلب المنطقة الجبلية لجبالة، تلك الرقعة الجغرافية التي طالما كانت موطناً لتعايش مميز بين القبائل الأمازيغية والعربية، وواحة للتقاليد الراسخة والهوية الثقافية المتنوعة، وتتميز جبالة بجغرافيتها الوعرة، التي ساهمت في صون خصوصياتها التراثية واللغوية على مدى قرون.
عرفت قبيلة بني زيات، كغيرها من قبائل المنطقة، باستمرارها في الحفاظ على تقاليدها الخاصة، من موسيقى وأهازيج شعبية، إلى طقوس اجتماعية ودينية توارثتها الأجيال، كما ساهمت القبيلة، على امتداد التاريخ، في تشكيل هوية جبالة الثقافية، من خلال نمط عيشها القائم على التآزر الاجتماعي، والفلاحة الجبلية، والحرف التقليدية.
وتبقى أهمية قبيلة بني زيات اليوم، ليس فقط في بعدها التاريخي، بل أيضاً في استمرارها كفاعل اجتماعي وثقافي في الحفاظ على التوازن الهوياتي للمنطقة، فهي تمثل نموذجًا للارتباط العميق بالجذور، وللعيش في تناغم مع بيئة طبيعية خلابة، وهو ما يجعلها جديرة بالدراسة والتوثيق في إطار الجهود الوطنية للحفاظ على الذاكرة الجماعية.
في زمن تتسارع فيه التحولات، تظل قبيلة بني زيات عنوانًا للأصالة، وجزءًا لا يتجزأ من الفسيفساء المغربية، التي تجمع بين الحداثة والعمق التاريخي في تناغم فريد.