آراء
أخر الأخبار

شذاذ الآفاق.. في عالم السياسة والحكم بالعالم العربي

خوسيه موخيكا، نأى بنفسه عن رذائل قيم النفاق السياسي كما هي متعارف عليها لدى آخرين..

عبد المجيد بن شاوية

 أفقر رئيس في العالم، الذي وافته المنية يوم 13 ماي سنة 2025 عن عمر يناهز 89 عاما، لم يكن بهرجة إعلامية لرئيس اختار أن يكون إلى جانب شعبه في تفاصيل الحياة اليومية، لينبض قلبه بنبضات قلوب مواطناته ومواطنيه، إنه التشبع بالفضيلة المثلى التي تجعل المرء في قمة تربعه على عرش الفضائل السياسية في العالم، بعيدا عن حياة التخمة والعربدة الرأسمالية الليبرالية التي اعتنقها أغلب حكام شعوب في العالم، والعالم العربي خصوصا..

إضافة إلى استئسادهم عليها من دون رحمة ولا شفقة، رئيس اختار حياة البساطة انطلاقا من اقتناعاته الخاصة، الزهد في الحياة ليس ضعفا في رجال صدقوا ما عاهدوا عليه، بل هو إيمان بما ناضلوا من أجله، لأجل رفع منسوب الكرامة والعدالة الاجتماعية، والقضاء على الفساد الذي سبب كل بلاء، وإنهاء عهود الظلم والاستبداد وإعطاء النموذج المحتذى به في عالم مليء بالرذائل في مجال السياسة والحكم والاقتصاد والاجتماع.

هو ذاك رئيس دولة الأورغواي خوسيه موخيكا، نأى بنفسه عن رذائل قيم النفاق السياسي كما هي متعارف عليها لدى آخرين، التزم بما هو مبدئي في الممارسة السياسية النبيلة وربطها بفضائلها، حتى يتأكد المجتمع من شيء هام، ألا وهو، يمكننا أن نكون في قلب ممارسة الحكم وعلى رأسه، إلا أنه لا يدفعنا إلى التصلف والغلظة وقسوة القلب وتغييب المشاعر النبيلة والتنكر للفضائل والقيم الإنسانية المثلى، ولا يجرنا إلى الحيوانية عبر الاهتمام والتشبث بملذات الحياة ومتعها وفانتازيا السياسة والسلطة، كل هذا على حدي طرفين في وجودنا، فإما نحتكم إلى العقل وإما الإنجرار وراء النزوات وحب الذات والإيمان بوحدانيتها في علاقاتها بممارسة الحكم ومباشرة الفعل السياسي والمؤسساتي.

لقد أعطى هذا الرئيس المثل العظيم لمن هم في سدة الحكم أينما كانوا، فدلالات سلوكياته الرسمية وغير الرسمية بمثابة الدروس التربوية العظيمة في كيفيات ممارسات الحكم، نقضا للميكيافلية والاستبدادية والتسلطية، كيف ما كانت مرجعيات هذه الأخيرة المتشبعة بأساليب حربائية وسلوكيات النفاق والمكر والبروباغاندا الإعلامية السياسية والممارسات الشعبوية، وغيرها لا حصر، وهو ما يعاش بالخصوص مع أنظمة الحكم العربي على طول الخط، سواء كانت ملكية أو جمهورية، ألم يكن الحاكم العربي هو الأولى بالمبادرة في ممارسة الحكم بشكل يجسد إرادة الجماهير وبفضائلية لا مثيل لها، على أرضية مجموعة من الإيمانيات ذات الصلة بالمقدس، وأخرى ذات صلة بالتاريخ والحضارة ؟ .

* كاتب مغربي 

https://anbaaexpress.ma/ewx72

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية لك استاذي عبدالمجيد وتحية كبيرة على مقالك الذي تناول مجموعة من الاشياء التي تظهر وبجلاء كبير الفرق الشاسع بين الرئيس الراحل خوسيه ورؤساء وامراء وملوك الدول العربية والإسلامية ومدى تجبرهم وتسلطهم على شعوبهم وافقارهم لتلك الشعوب بسيايتهم المتناغمة مع توجيهات البنك الدولي والدول الغربية .
    الله غالب استاذي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى