باريس – أنباء إكسبريس
في تطور خطير يضرب العلاقات الفرنسية الجزائرية في الصميم، كشفت جريدة L’Express الفرنسية في تحقيق إستقصائي مثير عن خيوط شبكة استخباراتية تورطت في اختطاف المعارض الجزائري الشهير أمير بوخرص، المعروف باسم Amir DZ، من قلب العاصمة الفرنسية باريس، في ما بات يُعرف الآن بـ”فضيحة أمير DZ”.
التحقيق، الذي استند إلى مصادر قضائية وأمنية فرنسية رفيعة، كشف أن عملية الاختطاف التي وقعت ما بين 29 أبريل و1 ماي 2024، لم تكن عملاً فردياً أو جنائيًا تقليديًا، بل “عملية مدبرة من الدولة الجزائرية”، هدفها اختطاف بوخرص وترحيله قسراً إلى الجزائر، حيث يواجه حكماً غيابياً بالسجن لمدة 20 سنة صدر في 2023.
أربعة متهمين رسميًا.. واتهام بـ”عمل إرهابي”
في يوم الجمعة 16 ماي 2025، وجه القضاء الفرنسي تهماً رسمية لأربعة رجال تورطوا في اختطاف بوخرص واحتجازه قسرًا في مستودع مهجور بضواحي باريس، مستخدمين شارات شرطة مزيفة ومخدرات قوية من نوع “زوبكلون”.
وبحسب قاضي التحقيق، تم تصنيف القضية ضمن “العمليات الإرهابية”، نظرًا لتورط عناصر دبلوماسية واستخباراتية رسمية فيها.
كواليس عملية مريبة: كوماندو، مخدرات، وامرأتان بالخطأ
بحسب رواية L’Express، فقد اقتيد بوخرص إلى مستودع في بونتو كومبو، حيث جرى تخديره واحتجازه، قبل أن يتم إطلاق سراحه بطريقة غريبة بعد أن أدركت امرأتان، تم استئجارهما لحراسته، أنه ليس تاجر المخدرات الذي وُعدتا بحراسته مقابل أموال.
شبكة بثلاث مستويات: دبلوماسيون، مجرمون، وجواسيس
المحققون الفرنسيون كشفوا أن الشبكة تضم مسؤولين دبلوماسيين جزائريين يعملون في باريس، أبرزهم “س.ر.” و”س.س.” من سفارة الجزائر، و”ه.ب.” القنصل المساعد بقنصلية كريتاي، إضافة إلى وسطاء وعناصر من جماعات إجرامية منظمة. الاتهامات الموجهة إليهم تشمل استخدام مناصبهم الدبلوماسية كغطاء للتجسس، وتجنيد موظفين فرنسيين للحصول على بيانات لاجئين جزائريين.
تجسس على لاجئين واختراق مؤسسات فرنسية
التحقيق أظهر أيضًا اختراقًا خطيرًا لدوائر رسمية فرنسية، من بينها وزارة المالية والمكتب الفرنسي للهجرة والاندماج (OFII)، حيث جرى تجنيد موظفين قدموا معلومات حساسة عن لاجئين سياسيين جزائريين، في سابقة تهدد الأمن السيبراني الفرنسي وتطرح تساؤلات محرجة حول حماية بيانات المعارضين.
رسالة ترهيب.. بنكهة استخباراتية
قاضي التحقيق وصف العملية بأنها “رسالة تخويف مقصودة” من النظام الجزائري لكل من يعارضه في الخارج، مؤكدًا أن “العملية تكرّس ممارسات ترهيبية ممنهجة” شبيهة بمحاولة اختطاف المعارض هشام عبود في برشلونة خلال أكتوبر 2024.
أبعاد دبلوماسية وأوامر توقيف دولية
على ضوء هذه المعطيات، تقدم محامي أمير DZ، إيريك بلوفييه، بطلب رسمي لإصدار مذكرة توقيف دولية بحق “س.س.”، الذي يُعتقد أنه الرأس المدبر للعملية، وقد فر إلى الجزائر عقب تنفيذها.
في المقابل، التزمت السلطات الجزائرية الصمت، فيما ادعى الجنرال “رشدي فتحي موساوي”، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية والذي تم ترقيته لاحقًا، أنه “لم يكن على علم بالعملية”.
ختاما: عندما تتجاوز الأنظمة الخطوط الحمراء
قضية أمير DZ أعادت إلى الواجهة طبيعة السياسات القمعية التي تنتهجها الأنظمة الاستبدادية، حتى داخل أراضي دول ديمقراطية كفرنسا.
كما كشفت عن ثغرات أمنية ومعلوماتية ينبغي معالجتها فورًا لحماية المعارضين السياسيين المقيمين في المنفى. وبينما تهز الفضيحة أركان العلاقات بين باريس والجزائر، فإن تداعياتها مرشحة للتصاعد إقليميًا ودوليًا في الأيام المقبلة.

تعليق واحد