أفريقيامجتمع
أخر الأخبار

حوار حصري.. الطفلة نوة تُحتجز في تندوف وتُحرم من عناق والدتها المريضة في فرنسا – فيديو

احتجاز الأطفال في تندوف.. مأساة تسائل ضمير العالم منذ خمسة عقود

في مأساة إنسانية تهز الضمير العالمي، يناشد الشاب الصحراوي محمد ايحظيه ولد البد ولد الطريح السلطات والمنظمات الدولية للتدخل العاجل من أجل السماح لابنته القاصر “نوة” بمغادرة مخيمات تندوف والالتحاق بوالدتها المريضة بالسرطان في فرنسا لمرافقتها خلال رحلة علاجية.

ورغم محاولاته المتكررة، قوبلت مطالبه بالرفض والصمت من قيادة جبهة البوليساريو، مما يسلط الضوء على الانتهاكات الجسيمة في حق الأطفال المحتجزين وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، وعلى رأسها لمّ الشمل الأسري والحق في الحماية.

لم نتصور، ولو للحظة، أن يتم التلاعب بأحلام الأطفال والعبث بمستقبلهم واحتجازهم في سياقات السلم والنزاعات المسلحة، قبل أن نصطدم بحالة إنسانية خاصة جدًا، لأسباب متعددة، أهمها أنها طفلة صحراوية تعيش منذ ولادتها في الحرمان وانعدام الجنسية، جراء عدم شمولها بحماية أممية في ظل غياب إجراء أي إحصاء أممي لعائلتها، بمعية باقي الأشخاص المحتجزين بمخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر.

والسبب الثاني حرمانها من اللقاء بأسرتها البيولوجية ولمّ شملها، نظرًا لحساسية وضعها الصحي.

الحوار الكامل مع محمد ايحظيه والد الطفلة نوة 

التفاصيل – ما الذي جرى؟

القصة تتعلق، في الأساس، بمطلب شاب صحراوي يدعى محمد ايحظيه ولد البد ولد الطريح، بالسماح لابنته نوة منت محمد ايحظيه ولد الطريح بالانتقال إلى الديار الفرنسية لمرافقة والدتها السيدة فاطمة الغالية جامع المحجوب أحمد عبد الله في رحلة علاجية طويلة للاستشفاء من سرطان مزمن أصابها بعد عقود من العيش في المخيمات.

ويروي والد الطفلة نوة محمد ايحظيه، إصابة زوجته بسرطان استدعى الانتقال إلى الديار الأوروبية لمعالجته، ورغم طرقه أبواب قيادة البوليساريو، لم يعثر على أي مستجيب لمطالبه المتعلقة بالتمتع بالحق في الصحة لزوجته المريضة، أو المساعدة في الإجراءات المتعلقة بالسفر والإقامة في مراكز علاج متطورة بأوروبا، بل لم يتم الرد على صرخاته المتوالية للمساعدة في خوض غمار رحلة استشفائية محفوفة بالمخاطر لإنقاذ زوجته.

باءت محاولات الشاب محمد ايحظيه كلها بالفشل، ولم يجد بدًا غير اللجوء إلى الهجرة غير النظامية التي قادته إلى الديار الفرنسية، حيث استقر بهما المقام بمستشفى بمدينة بواتييه، حيث جُنّدت الإمكانيات لتوفير وسائل التطبيب اللازمة للكشف عن الحالة ومعالجتها بأجود الطرق العلاجية المتوفرة، وتوفير وسائل الراحة لزوج مكلوم من هول الصدمة، من تنظيم كان يعتقد إلى وقت قريب أنه بمثابة الملجأ والحامي لكل الصحراويين المتواجدين بالمخيمات.

وبأن إمكانات البوليساريو مسخرة للصحراويين، وأن ما يروج محض كذب وافتراء، إلى أن كذبت ظنه الوقائع، واحتار في كل ما تعرض له من تلقين وشعارات رنانة بخصوص التضامن والوحدة وبذل النفس من أجل الماجدات، وفعل المستحيل من أجل اللاجئات، وغيرها من الملاحم الخاوية على عروشها، ما زالت تشكل للبعض دافعًا للاستمرار في أرض لحمادة ومناصرة قيادة ضالة.

مصير طفلة معلّق بسادية مسؤولين عن الرعاية الاجتماعية!

وبعد أن استقر الحال بتلك العائلة في فرنسا لمتابعة العلاج، فاض بهم الشوق للقاء ابنتهم ذات الخمس سنوات ولمّ شمل العائلة في سياق شديد الحساسية، تختلط فيه العاطفة والأحاسيس بالألم وشدة المرض والمعاناة والشوق لحضن حبيب صغير القلب، ما زال يتلمس خطواته في الحياة.

وتستعد الأسرة لاستقباله، لكي لا يضيع كأجيال لم تعرف عائلاتها البيولوجية، وانسلخت من ثقافتها وخلفيتها الدينية والحضارية.

غير أن رغبة تنظيم البوليساريو لم تشأ منح تلك الطفلة القاصر فرصة عناق والدتها المريضة، التي يعتصرها ألم الوجع والحنين إلى فلذة كبدها الصغيرة.

بمشاعر تختلجها الحسرة على ضياع سنين العمر في أرض تلفظ عائلة محمد ايحظيه ولد البد جملة وتفصيلاً، صرح الشاب المكلوم بأن فرصة التقاء ابنته الصغيرة بوالدتها “تم بيعها في جنح الظلام”، ومن وساخة الفعل لم يستطع سُراق الأحلام الرد على تساؤلاته وتوسلاته لحل المشكلة. فهل من إمكانية لفهم تدبير برنامج “عطل من أجل السلام”؟

وهل فعلاً يتم إعداد هذا البرنامج للترويح عن أطفال المخيمات؟ أم هو مصدر للتربّح لمسؤولين بالمخيمات، وعذابات ومعاناة لآخرين لا نستطيع معرفة واقعهم ومعاناتهم في سياق مغلق لا يسمح لغير المحتجزين بالغوص فيه؟

يطالب الشاب محمد ايحظيه بتدخل لفك الحصار عن ابنته القاصر نوة، ويتوجه إلى كل الضمائر الحية، من آليات أممية لحماية حقوق الإنسان، ومنظمات دولية ووكالات أممية متخصصة، ولكل أحرار العالم الذين ما زالوا يتنفسون مشاعر الإنسانية، لمساعدته على لمّ شمل أسرته، وتحقيق انتقال طفلته إلى الديار الفرنسية لمرافقة والدتها في رحلة علاجية صعبة.

ونحن، بدورنا كإعلاميين وناشطين وفعاليات مدنية، لن ندخر جهدًا في دعم مطلبه، وفتح منصتنا للتعريف بقضيته، والتحسيس بأهميتها، وتسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بحجب حق هذه الطفلة بالتواجد والنمو في كنف أسرتها، لا سيما حينما تكون في وضع استثنائي يستحق الحماية المعززة والتضامن والتكافل، بدل الاحتجاز وقضم الحقوق والبيع في كرامة الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف.

https://anbaaexpress.ma/hgi9s

عبد الوهاب الكاين

رئيس منظمة أفريكا ووتش Africa Watch كاتب صحفي وباحث في حقوق الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى