تقاريرحديث الساعة
أخر الأخبار

تقرير: بعد كينيا.. إثيوبيا تقترب من سحب اعترافها بالبوليساريو في تحول استراتيجي لصالح المغرب

إثيوبيا تستعد لسحب اعترافها بالبوليساريو.. والتحولات الجيوسياسية تسير لصالح المغرب

في ظل دينامية دبلوماسية غير مسبوقة، يواصل المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حصد الانتصارات السياسية والدبلوماسية على الساحة الإفريقية والدولية، بفضل رؤية استراتيجية متبصّرة، وشبكة علاقات مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون التنموي والأمني.

فمن العودة التاريخية إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، إلى الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، ثم توالي قرارات الدول الإفريقية والعالمية بفتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية للمملكة، يعيش المغرب لحظة قوة إقليمية ودولية، تتميز بإجماع متزايد حول مشروعية وحدته الترابية.

وفي هذا السياق، تتسارع مواقف الدول الإفريقية نحو مراجعة خياراتها السابقة، خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بـ”الجمهورية الوهمية”، إذ بعد الخطوة التاريخية التي قامت بها كينيا بسحب اعترافها بمليشيات البوليساريو، يبدو أن إثيوبيا، أحد أبرز القوى الإفريقية، تستعد للحاق بهذا التوجه الواقعي والعقلاني.

إثيوبيا على خطى كينيا

في تطور جديد يؤكد التحول العميق الذي تعرفه مواقف العديد من الدول الإفريقية تجاه قضية الصحراء المغربية، حيث كشفنا سابقًا، في تصريح حصري لـ”أنباء إكسبريس”، أن جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية تستعد لإعلان سحب اعترافها الرسمي بما يسمى “الجمهورية الصحراوية” أو مليشيات البوليساريو، المدعومة من النظام العسكري الجزائري.

حيث قلنا: “أصبحت جميع المؤشرات والمعطيات واضحة بأن تعلن رسميًا أديس أبابا سحب اعترافها بمليشيات البوليساريو، بعد التقارب والتعاون العسكري والأمني الأخير بين المملكة المغربية وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية”.

وأكدنا أن التعاون العسكري المتصاعد بين البلدين بات مدخلًا استراتيجيًا نحو تحول جذري في موقف إثيوبيا من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، حيث يُراد منه تحقيق الأمن الجماعي وردع التهديدات الإرهابية والانفصالية في منطقة القرن الإفريقي والساحل.

تحولات دبلوماسية وعسكرية تُنذر بالقطيعة مع الانفصال

في الفترة الممتدة بين 25 و29 غشت 2024، وبناءً على التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، استقبلت المملكة المغربية الماريشال “برهانو غولا جيلالشا”، رئيس أركان الدفاع الإثيوبي، الذي قاد وفدًا عسكريًا رفيعًا إلى الرباط.

وتميزت الزيارة بـ:

استعراض شامل لأوجه التعاون في مجال الدفاع.

بحث إمكانيات تعزيز العلاقات العسكرية الثنائية.

إشادة متبادلة بمستوى الشراكة بين الجيشين، والتعبير عن رغبة قوية في تطويرها نحو شراكة نموذجية لحفظ السلام والاستقرار في القارة.

كما سبق أن قام الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، بزيارة استراتيجية لأديس أبابا من 23 إلى 26 أبريل 2025، أجرى خلالها مباحثات معمقة مع نظيره الإثيوبي، وزار منشآت عسكرية متطورة، شملت:

إدارة أمن الشبكات المعلوماتية.

معهد الذكاء الاصطناعي العسكري.

قاعدة بيشوفتو الجوية.

مصنع الذخيرة العسكري.

المشاورات السياسية تمهد للتغير الرسمي

في شهر ماي 2025، احتضنت أديس أبابا الدورة الأولى للمشاورات السياسية بين المغرب وإثيوبيا، والتي شكلت نقطة تحول بارزة، حيث أظهرت رغبة صريحة من الجانب الإثيوبي في مراجعة مواقفه السابقة والتقارب مع المغرب على أسس جديدة.

وقد أوضحنا بشكل صريح بأن هذه المشاورات السياسية:

“تعجل وتدفع بشكل قوي من سحب الاعتراف من عصابة البوليساريو، (الجمهورية الوهمية)، المدعومة من طرف النظام العسكري الجزائري”.

علاقات استراتيجية متعددة الأبعاد بين المغرب وإثيوبيا

بعيدًا عن المجالين العسكري والدبلوماسي، تشهد العلاقات المغربية الإثيوبية تطورًا استراتيجيًا في عدد من المجالات الحيوية، يأتي على رأسها التعاون الاقتصادي، إذ يُعد مشروع المجمع الصناعي للأسمدة الذي تُنجزه مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) في إثيوبيا واحدًا من أضخم الاستثمارات المغربية بالقارة، بقيمة تفوق 3.7 مليار دولار.

ويهدف المشروع إلى دعم الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاج الزراعي الإثيوبي، ما يرسّخ موقع المغرب كفاعل اقتصادي موثوق على الصعيد الإفريقي.

كما يبرز المغرب كحلقة وصل استراتيجية لإثيوبيا نحو الأسواق الغربية الإفريقية، بحكم موقعه الجغرافي، مع اهتمام متزايد بالاستثمار في مجالات الفلاحة، والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، في إطار مقاربة “رابح-رابح” التي تؤسس لتكامل اقتصادي حقيقي بين البلدين.

سياسيًا، يسعى المغرب إلى التنسيق الوثيق مع إثيوبيا، خاصة باعتبارها فاعلًا أساسيًا داخل الاتحاد الإفريقي الذي يوجد مقره في أديس أبابا.

وقد سُجّل تقارب متدرج في عدد من المواقف، مع بروز نوع من التحفظ الإثيوبي في بعض القضايا الحساسة، على رأسها ملف الصحراء المغربية، وهو ما يُنتظر أن يشهد تغييرًا ملموسًا في ظل التحولات الجارية بشكل كبير.

أما على المستوى الديني والثقافي، فيواصل المغرب تعزيز حضوره الروحي في إفريقيا، من خلال عروض تكوين الأئمة الإثيوبيين بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين بالرباط، مع مساعٍ لإحياء الروابط التاريخية بين المذهب المالكي وبعض الموروثات الدينية في منطقة القرن الإفريقي، ما يُعزز من القوة الناعمة المغربية وعمقها الحضاري في المنطقة.

نهاية الحقبة الإيديولوجية.. إفريقيا الجديدة تتشكل

التحول المرتقب في موقف إثيوبيا يُعد خطوة جديدة ضمن الدينامية الإفريقية الواسعة التي انطلقت منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، والتي تُجسد:

نهاية عهد الابتزاز الإيديولوجي.

بداية مرحلة جديدة قوامها السيادة والتنمية والأمن الجماعي.

التحلل من تركة الحرب الباردة التي كانت بعض الأنظمة تستخدمها لتغذية الانفصال والتفرقة.

ويُتوقع أن يكون سحب إثيوبيا اعترافها بالبوليساريو بمثابة زلزال دبلوماسي في شرق إفريقيا، تمامًا كما كان قرار كينيا في 2022، والذي عززته، الإثنين الماضي، حيث اعتبرت جمهورية كينيا بأن المخطط المغربي للحكم الذاتي بمثابة المقاربة المستدامة الوحيدة لتسوية قضية الصحراء المغربية، النزاع المفتعل، مشيدة بالتوافق الدولي المتزايد والدينامية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس الداعمة لهذا المخطط.

خلاصة وتحليل

كل المؤشرات السياسية والعسكرية التي ترصدها “أنباء إكسبريس”، ومركزها المكلف بالدراسات والتحليل، إلى جانب التصريحات الحصرية التي نقدمها بدقة، استنادًا إلى معطيات موثوقة، باعتبارنا من المهتمين بالشأن الحقوقي في المنطقة المغاربية والإفريقية، نؤكد بأن إعلان إثيوبيا عن سحب الاعتراف الرسمي بالبوليساريو بات مسألة وقت فقط.

ويأتي هذا التحول بفضل:

الرؤية الملكية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

الفعالية الدبلوماسية للمملكة.

نجاعة التعاون العسكري والأمني المغربي الإفريقي.

وبذلك، تكون أديس أبابا مرشحة بقوة لتكون البلد الإفريقي الثاني بعد كينيا في طي صفحة الوهم الانفصالي، والالتحاق بركب الدول الواقعية والواعية بوحدة الشعوب والحدود.

https://anbaaexpress.ma/0f5i5

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي خبير في الشأن المغاربي و الإفريقي، مدير عام أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى