حديث الساعةسياسة
أخر الأخبار

المبادرة الأطلسية الإفريقية: مشروع سيادي مغربي يُجهض النزعات الانفصالية ويُحاصر الإرهاب ويُفشل مخطط أنبوب الغاز الجزائري

لهذا وجب التأكيد بأنه مشروع مغربي خالص، يُعيد هندسة العلاقة بين إفريقيا والمجال الأطلسي، ويؤكد أن الأمن، السيادة، والتنمية، هي أسس المستقبل الإفريقي الحقيقي..

أصبح من الضروري التعمق أكثر في المبادرة الأطلسية المغربية العبقرية، في ظل التحديات المتسارعة التي تعيشها منطقة الساحل والمجال المغاربي، برزت المبادرة الأطلسية الإفريقية، التي أطلقها المغرب سنة 2023، كتحول استراتيجي بنَفَس سيادي وتنموي وأمني في الآن ذاته.

المبادرة تتأسس على شرعية قانونية واضحة، وتُعيد صياغة موازين القوة والتعاون جنوب–جنوب وفق مرتكزات حقوقية وتنموية، مع إعطاء الأولوية لـضبط المجال الأطلسي أمنيًا في وجه التهديدات المتصاعدة.

فالمنطقة، اليوم، تعاني من تنامٍ خطير للجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة العابرة للحدود، والتي تستغل هشاشة دول الساحل وضعف البنيات الساحلية لتعزيز نفوذها.

في هذا السياق، جاءت المبادرة المغربية لتُشكل درعًا جيو-أمنيًا وتنمويًا، يمنح دول الساحل، مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر.. منفذًا استراتيجيًا مباشرًا إلى المحيط الأطلسي.

هذا الانفتاح المهم يقلّص تبعية هذه الدول لجيرانها، ويمنحها قدرة على التحكم في تجارتها وأمنها البحري، وهو ما يُعتبر سابقة في تاريخ التعاون الإفريقي المعاصر.

سياسة اليد الممدودة تجاه الجزائر

لكن لا بد من التأكيد أن المغرب، منذ سنوات، اختار منهج اليد الممدودة تجاه الجزائر، ودعا مرارًا إلى فتح صفحة جديدة، قائمة على التعاون الإقليمي وخدمة مصالح الشعوب. وهي دعوات وثقها جلالة الملك محمد السادس في عدة خطب سامية، أبرزها خطاب 6 نوفمبر 2018، حيث أكد أن “المغرب منفتح على أي مبادرة جادة” لفتح حوار مباشر مع الجزائر.

في المقابل، اختار النظام العسكري الجزائري التصعيد والمعاكسة، فأسّس تكتلاً مغاربيًا ثلاثيًا يتكون من (الجزائر، تونس، ليبيا)، ثم أدرج فيه مليشيا البوليساريو الوهمية، في انتهاك صريح لمبادئ الاتحاد الإفريقي، وكمحاولة يائسة لتطويق المغرب إقليميًا وخدمة أجندته المعزولة.

بل إن الجزائر استمرت في التورط في دعم كيان إنفصالي مشبوه، رغم ما جاء في قرارات مجلس الأمن، خصوصًا القرار 2654 (2022)، الذي كرّس مرة أخرى مركزية مقترح الحكم الذاتي المغربي واعتبره “جديًا وذي مصداقية وواقعيًا”، داعيًا إلى “حل سياسي واقعي وعملي ودائم”، في رفض واضح لخيار الانفصال بشكل نهائي.

ومن جهة أخرى، فإن استقبال عبد المجيد تبون للمدعو إبراهيم غالي بشكل مستمر، المتابع أوروبيًا بتهم الاحتجاز والتعذيب والاغتصاب، يُعد تسترًا على مجرم حرب في تحدٍّ سافر للعدالة الدولية، خصوصًا في ظل تقارير هيومن رايتس ووتش وأمنستي التي وثّقت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في تندوف، الخاضعة للسيادة الجزائرية بموجب القانون الدولي.

كما تتزايد المطالب بتصنيف مليشيا البوليساريو كجماعة إرهابية، نظرًا لتورطها في دعم الجماعات المتطرفة بالساحل، وارتباطها بشبكات التهريب والجريمة المنظمة، ما يجعلها تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي.

المبادرة المغربية رؤية متكاملة

في المقابل، تقدم المبادرة المغربية رؤية متكاملة تقوم على الحق في التنمية والأمن، كما ورد في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتُترجم على الأرض عبر مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يُمثل شريانًا حيويًا للتنمية القارية وضبط الأمن البحري والجيو-اقتصادي.

كما أن هذه الخطوة المهمة تحمل طابعًا دوليًا يتجلى في انفتاحها على دول أمريكا الجنوبية المطلة على الأطلسي، في رؤية ذكية لربط إفريقيا بالمجال الأمريكي اللاتيني، بما يعزز من تموقع المغرب كقوة وصلٍ استراتيجية في قلب التحولات العالمية.

ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يبنى بمواصفات عالمية، لن يكون مجرد بنية تحتية ضخمة، بل سيكون بوابة إفريقيا نحو أسواق العالم الجديد، وقاعدة لوجستية وجيواقتصادية تربط جنوب القارة بالضفتين الأطلسيتين.

بالإضافة، يُعزز هذه الرؤية المغربية أيضًا اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وقرارها فتح قنصلية في الداخلة، في خطوة ذات بعد استراتيجي، تؤكد الدعم الدولي المتنامي للمبادرة المغربية.

وجدير بالذكر، فإن التحالف الإقليمي الجديد الذي تقوده المملكة، بعد استقبال جلالة الملك لوزراء خارجية دول تحالف الساحل، ليس مجرد تحرك دبلوماسي، بل هو بناء لتحالف قاري سيادي في وجه الإرهاب والانفصال والتدخلات الخارجية.

لهذا وجب التأكيد بأنه مشروع مغربي خالص، يُعيد هندسة العلاقة بين إفريقيا والمجال الأطلسي، ويؤكد أن الأمن، السيادة، والتنمية، هي أسس المستقبل الإفريقي الحقيقي.

مشروع أنبوب الغاز الإفريقي بين نيجريا والمغرب

في السياق نفسه، يُعد مشروع أنبوب الغاز الإفريقي بين نيجيريا والمغرب من بين المشاريع الاستراتيجية التي تعزز التموقع المغربي كفاعل قاري مسؤول، ويؤكد توجه المملكة نحو تكامل إقليمي مستدام يخدم شعوب غرب إفريقيا والمغرب الكبير.

هذا المشروع، الممتد على آلاف الكيلومترات، لا يضمن فقط أمن الطاقة لدول غرب إفريقيا وأوروبا، بل يُعد بديلًا واقعيًا عن المشروع الجزائري الذي انهار فعليًا بعد انسحاب النيجر منه إثر التوترات الجيوسياسية في المنطقة، وغياب الثقة في المنهج الأحادي للنظام الجزائري.

في المقابل، المغرب اعتمد مقاربة تشاركية شاملة، تتسم بالوضوح، مما جعله يحظى بثقة شركائه الإقليميين والدوليين، وهو ما يعزز تكامل مشروع الأنبوب مع أهداف المبادرة الأطلسية في ربط الساحل بالأسواق العالمية عبر ممرات آمنة وخاضعة للشرعية.

يتبع..

https://anbaaexpress.ma/unu6p

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي وإعلامي خبير في الشأن المغاربي مدير عام أنباء إكسبريس

تعليق واحد

  1. تحليل عقلاني و بناء يعتمد على وثائق و سرد لوقائع السياسة الإقليمية و الدولية المجهر حقوقي مؤسسات
    تحياتي لكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى