أفريقياسياسة
أخر الأخبار

إيران وإفريقيا: قراءة في تدوينة خامنئي بين الرمزية التاريخية والرهانات الجيوسياسية

التدوينة توحي بأن إيران تريد أن تقدم نفسها كداعم تاريخي لمقاومة الاستعمار والتبعية..

في رسالة رمزية لافتة وفي وقت حساس جداً، نشر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، الإمام علي خامنئي، أمس الأحد 25 ماي، تدوينة على منصة X أشاد فيها بزعماء أفارقة كبار أمثال كوامي نكروما، جوليوس نيريري، سامورا ماشيل، ونيلسون مانديلا، مشيدًا بنضالهم ضد الظلم والهيمنة.

هذه الرسالة، في توقيتها ومضمونها، لا يمكن قراءتها بمعزل عن الديناميكيات الجديدة التي تعرفها القارة الإفريقية، حيث تتشكل تحالفات جديدة وتتحول موازين النفوذ بين القوى الكبرى.

رسالة مبطنة في ثوب الوفاء التاريخي

لم تكن الإشادة بزعماء تحرريين أفارقة مجرد تذكير بماضٍ نضالي مشترك، بل هي محاولة ذكية من إيران لبناء خطاب وجداني يخاطب الوعي الجمعي للشعوب الإفريقية، في ظل تصاعد النزعة المناهضة للهيمنة الغربية، خصوصًا الفرنسية، التي فقدت كثيرًا من مواقعها التقليدية في غرب ووسط القارة.

التدوينة توحي بأن إيران تريد أن تقدم نفسها كداعم تاريخي لمقاومة الاستعمار والتبعية، متجاوزة الخطاب الديني أو الطائفي الذي طبع سياستها الخارجية في مناطق أخرى.

إيران تبحث عن محور جديد

التحولات في إفريقيا، لاسيما صعود أنظمة عسكرية مناهضة للنفوذ الغربي في دول مثل مالي، بوركينا فاسو والنيجر، فتحت شهية قوى إقليمية ودولية لإعادة التموضع.

فبعد تراجع النفوذ الفرنسي، بدأت روسيا بإعادة تموضعها عبر “فاغنر” أو تحالفات أمنية واقتصادية.

الصين مستمرة في استثماراتها الضخمة. في هذا السياق، لا يمكن تجاهل التحرك الإيراني الذي بدأ يتخذ طابعًا أكثر وضوحًا، سواء عبر دعم إعلامي، فتح سفارات جديدة، أو إحياء التعاون الاقتصادي والثقافي.

تدوينة خامنئي

نحو محور مقاوم جديد؟

من المرجح أن إيران تسعى إلى بناء “محور مقاومة إفريقي” أو على الأقل شبكة من الحلفاء السياسيين والإعلاميين والدينيين، بهدف توسيع هامش نفوذها ومواجهة العزلة الدولية، خصوصًا بعد تشديد العقوبات الغربية.

ومن خلال تسويق خطاب “مناهضة الإمبريالية”، تحاول طهران إعادة إنتاج تجربتها في دعم الحركات الشيعية أو المناهضة للهيمنة، لكن هذه المرة بلغة أكثر “عالمية” تلامس الوجدان الإفريقي التحرري.

الشعوب الإفريقية بين الوعي والمصالح

الرهان الإيراني يبدو أنه يراهن على وعي الشعوب أكثر من الأنظمة، في ظل تقلبات الحكم وتعدد الفاعلين، وهذا ما يجعل من تدوينة خامنئي ليست مجرد رأي سياسي، بل دعوة غير مباشرة للانتفاض ضد النفوذ الأجنبي، سواء كان أمريكياً، روسياً، أو حتى عربياً خليجياً.

ختامًا: إيران، التي تواجه عزلة إقليمية ودولية، وجدت في إفريقيا ساحة جديدة لاستعراض خطابها الثوري وبناء تحالفات غير تقليدية.

التدوينة الأخيرة لخامنئي تعكس هذا التوجه، وهي بمثابة إعلان نوايا ناعم لا يخلو من رسائل سياسية موجهة للقيادات والشعوب الإفريقية على حد سواء.

https://anbaaexpress.ma/w3nap

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى