في خطوة أثارت موجة واسعة من الاستياء، اختار عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي، توجيه رسالة مثيرة للجدل خلال فعاليات المؤتمر الوطني التاسع للحزب المنعقد اليوم السبت 26 أبريل 2025، وذلك عبر دعوة الشيخ الموريتاني محمد الحسن ولد الددو، المعروف بمواقفه العدائية تجاه الوحدة الترابية للمملكة.
محمد الحسن ولد الددو، الذي سبق له أن وصف اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء بأنه لا يساوي أكثر من “وثيقة حيازة قطعة أرض على سطح القمر”، وشبّه اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية باعترافها بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على القدس والجولان، حظي باستقبال رسمي وحار خلال المؤتمر، مما طرح علامات استفهام عريضة حول نوايا قيادة الحزب وموقعه من قضية تعتبرها الدولة المغربية وشعبها مسألة سيادة وطنية غير قابلة للنقاش.
بنكيران، المعروف بخطابه المحافظ وقدرته على اللعب على التوازنات السياسية الدقيقة، بدا وكأنه يبعث برسائل مزدوجة: فمن جهة، محاولة شد عصب القاعدة الإسلامية التقليدية عبر استضافة شخصية دعوية بارزة، ومن جهة أخرى، توريط الحزب في مزيد من العزلة الوطنية بإعطائه منصة لخصم صريح لوحدة البلاد الترابية.
هذه الخطوة قوبلت بانتقادات حادة من داخل وخارج الحزب، حيث اعتبرها مراقبون استفزازًا غير مبرر، خاصة في ظل الإجماع الوطني حول قضية الصحراء، وخرقًا للأعراف السياسية الوطنية التي تضع الوحدة الترابية فوق كل الحسابات الحزبية أو الأيديولوجية.
إن حضور شخصية معروفة بولائها لخطاب داعم للانفصال، في مناسبة سياسية كبرى لحزب كان يفاخر بدعمه للثوابت الوطنية، يطرح تساؤلات مقلقة حول حقيقة توجهات العدالة والتنمية في مرحلة ما بعد فقدانه لموقعه القيادي في المشهد السياسي المغربي.
يبقى السؤال معلقًا: هل كان بنكيران يراهن على دغدغة عواطف قاعدته “الإخوان” على حساب الثوابت الوطنية، أم أن الأمر يعكس ارتباكًا استراتيجيا داخل الحزب المنهك بفعل الهزائم الانتخابية والصراعات الداخلية؟
