في قلب معرض الرباط الدولي للكتاب، يلفت الانتباه رواق الشارقة، الذي لا يشبه سواه من الأجنحة، بفخامته المعمارية وتعدد فضاءاته الثقافية والتراثية، مما يجعله محطة رئيسية لزوار المعرض الباحثين عن الجمال والعمق في آنٍ واحد.
فقد استطاعت الشارقة، التي تحمل لقب “العاصمة العالمية للكتاب” سابقا، أن تقدم تجربة استثنائية من خلال جناح يتجاوز حدود العرض إلى فضاء حقيقي للعبور نحو التاريخ والثقافة والإبداع.
الرواق، الذي يمتد على مساحة رحبة، صمم بعناية لافتة تستحضر العمارة العربية الأصيلة وتدمجها برؤية معاصرة، فتتجاور القباب والزخارف الشرقية مع الإضاءة الحديثة والعرض التفاعلي، في انسجام يشي بذوق رفيع في التقديم والرسالة. كل زاوية فيه تحكي حكاية، وكل مجسم أو صورة أو كتاب يبعث على التأمل في غنى الثقافة الإماراتية والعربية عمومًا.
يضم الجناح عدة فضاءات متخصصة: منها ركن المخطوطات النادرة التي تعكس عمق التاريخ العربي الإسلامي، وفضاء الطفل الذي يعج بالكتب الملونة والأنشطة التفاعلية الهادفة، إضافة إلى مكتبة الشارقة العامة التي تبرز الإنتاج الأدبي والفكري للإمارة، ومؤسسة الشارقة للتراث التي تنقل الزائر في رحلة حسية إلى عوالم الحرف التقليدية والفنون الشعبية.
كما يشهد الجناح تنظيم لقاءات أدبية وندوات فكرية يشارك فيها كتاب وأكاديميون من مختلف الجنسيات، إلى جانب قراءات شعرية وعروض حية، مما يحول الرواق إلى منصة مفتوحة للحوار الثقافي والتبادل المعرفي.
ويأتي هذا الحضور البارز للشارقة ليؤكد مكانتها الثقافية المتميزة عربيا ودوليا وترجمة لرؤية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في جعل الثقافة جسراً للتواصل الإنساني والتنمية المجتمعية.
فالجناح لا يروج فقط لإصدارات ومؤسسات، بل يبعث برسالة واضحة عن دور الثقافة في بناء الإنسان وتعزيز القيم المشتركة.
إن رواق الشارقة في معرض الرباط لا يمكن المرور به مرور الكرام، فهو أشبه بواحة وسط المعرض، تحتفي بالحرف العربي، وتمنح للزائر لحظة دهشة أمام هذا التناغم البديع بين الأصالة والمعاصرة، وبين الجمال البصري وعمق المضمون.
تعليق واحد