أفريقياحديث الساعةسياسة
أخر الأخبار

إسقاط درون تركي مسلح على الحدود الجزائرية-المالية: تصعيد أمني خطير في ظل علاقات متوترة

إسقاط درون تركي هو مؤشر خطير على أن الجزائر قررت إنهاء مرحلة الصمت والحياد الرمادي، وبدء تطبيق قواعد اشتباك جديدة في الفضاء الإقليمي

في تطور ميداني مثير للقلق، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن إسقاط طائرة مسيّرة مسلحة تركية الصنع، قالت إنها اخترقت المجال الجوي الوطني جنوب البلاد بمنطقة عين قزام القريبة من الحدود المالية.

العملية نُفذت بواسطة صاروخ أرض-جو من منظومة “كالينيوس 02”، في ما يبدو أنه أول حادث إسقاط رسمي منذ بداية تصاعد التوتر بين الجزائر ومالي خلال الأشهر الماضية.

رسالة جزائرية مزدوجة: عسكرية وسياسية

اختراق درون تركي مسلح للأجواء الجزائرية ليس مجرد حادث عرضي، بل مؤشر خطير على حجم التورط الخارجي في الصراع الدائر في منطقة الساحل.

فتركيا، الحليف العسكري الأبرز للمجلس العسكري المالي، زودت باماكو خلال الأشهر الماضية بعدد من الطائرات المسيّرة من نوع Bayraktar TB2 التي أصبحت سلاحًا رئيسيًا في حرب مالي ضد الجماعات المتمردة والانفصالية في الشمال.

وبالتالي، فإن إسقاط هذا الدرون يُقرأ كرسالة جزائرية مزدوجة: من جهة، تأكيد على جاهزية الجيش للرد الصارم على أي خرق سيادي؛ ومن جهة أخرى، تحذير مبطن لتركيا من التمادي في دعمها العسكري غير المشروط للسلطات المالية في إطار حسابات تتقاطع مع مصالح الجزائر الأمنية والإستراتيجية.

خلفية الأزمة: أكثر من سنتين من القطيعة والتصعيد

العلاقات بين الجزائر ومالي تعيش منذ أكثر من سنتين حالة من القطيعة الدبلوماسية الباردة، بدأت بعد رفض باماكو لاتفاق السلم الموقع في الجزائر عام 2015، والذي شكل إطارًا مرجعيًا لتسوية أزمة الشمال المالي.

الجزائر، التي كانت تعتبر هذا الاتفاق إنجازًا إقليميًا، وجدت نفسها خارج معادلة التأثير، بعد أن أعلن المجلس العسكري المالي أن الاتفاق “ميت سياسيًا”، وأطلق حملة عسكرية موسعة ضد الحركات الطوارقية.

اتهامات بدعم الحركات المتمردة وعلاقات غامضة مع الجهاديين

باماكو تتهم الجزائر بشكل غير مباشر بدعم تنسيقية الحركات الأزوادية في الشمال، وتوفير ملاذات آمنة لها عبر الحدود، في حين تسود شكوك دائمة حول وجود قنوات اتصال غير مباشرة بين الجزائر وزعيم جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، إياد أغ غالي، الذي تربطه علاقات قبلية وشخصية مع بعض الفاعلين في الجنوب الجزائري.

تصريحات تبون حول العلاقات مع مالي

الرئيس عبد المجيد تبون صرّح مؤخرًا بأن بلاده “لن تقف متفرجة على انهيار أمن الساحل”، موجّهًا انتقادات ضمنية للمجلس العسكري المالي.

وقد فُهمت هذه التصريحات في باماكو كتهديد مبطن، خصوصًا في ظل تصاعد الغارات الجوية المالية بواسطة درونات تركية استهدفت مواقع في كيدال وتينزاواتين، على مقربة من التراب الجزائري.

جنوب الجزائر على صفيح ساخن

في موازاة ذلك، يزداد الاحتقان داخل الجنوب الجزائري، حيث تعيش قبائل الطوارق والعرب تهميشًا اقتصاديًا وتنمويًا مزمنًا، ما يجعل أي اضطراب في الجوار المالي مصدر توتر داخلي أيضًا.

تخشى الجزائر من تكرار سيناريوهات التمرد، خصوصًا مع تزايد الأصوات المطالبة بالمزيد من الحكم الذاتي المحلي ومراجعة السياسات المركزية.

الوضع الاقتصادي والعزلة الإقليمية: التي تعاني منه الجزائر

الأزمة الاقتصادية المتواصلة، والخانقة، رغم عائدات النفط المتهاوية دوليا على مستوى الأسعار، تُضعف من قدرة الدولة على امتصاص التوترات الداخلية والإقليمية.

كما أن الجزائر تعاني من عزلة نسبية على المستوى الإقليمي، بعد توتر علاقاتها مع المغرب من جهة، ومع شركائها الأوروبيين مثل فرنسا وإسبانيا من جهة أخرى، رغم محاولات التهدئة الأخيرة.

نحو مرحلة جديدة من التصعيد؟

إسقاط درون تركي هو مؤشر خطير على أن الجزائر قررت إنهاء مرحلة الصمت والحياد الرمادي، وبدء تطبيق قواعد اشتباك جديدة في الفضاء الإقليمي.

ما حدث قد لا يكون سوى أول فصول مواجهة غير مباشرة بين الجزائر من جهة، ومحور باماكو–أنقرة من جهة أخرى، في منطقة تحوّلت إلى ساحة صراع متعدد الجنسيات والمصالح.

هذا الاعتداء بداعي خرق الأجواء الجزائرية والذي ليس مؤكدا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار شهادات الساكنة المحلية بتنزواتن، سيؤدي لا محالة إلى استدعاء السفير الجزائري بباماكو من طرف السلطات المالية بل قد يؤدي إلى استدعاء السفير المالي بالجزائر الذي عين مؤخراً في هذا المنصب.

https://anbaaexpress.ma/wfh3y

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى