اشتد وألح في الطلب أخ فاضل من السويد أن هناك شخص يجله ويريد له الهداية والمذكور رئيس شركة معتبر نشأ في وسط ديني تقليدي فلما دخل عالم النت ضاع وهلك ووصل إلى القناعات التي تقول أن لا إله ولا بعث والموت ظاهرة طبيعية مثل أي جرذ وخنفسة وأن الأديان خرافة كبيرة للسيطرة على العوام المغفلين أما أحاديث نبي الرحمة (ص) فأساطير الأولين ولا يزيد القرآن والكتب المقدسة عن اختراع بشري لحل مشاكل وقتية جنسية وسياسية وسواها.
ولأن الأخ من السويد باخع نفسه على آثار الرجل فأبى إلا ربط الرجل بي فأرسل لي المذكور خلاصة الآراء التي وصل إليها عن اقتناع وطول بحث وروية؟ فكرت طويلا ثم قلت هي ليست له ولكن لجمهور القراء ليأخذوا العبرة والموعظة من صدمة الحداثة.
ولعل مذبحة غزة ونحن نكتب مع ابريل من عام 2025 م وقد مضى عليها أكثر من عام ونصف تروي لنا معنى الصدمة والزلزال الكوني مع نومة المسلمين العميقة بأشد من أصحاب الكهف؟
كتبت للرجل التالي: الأخ المكرم: قرأت رسالتك في ضوء حرص الأخ من السويد وإلحاحه؟ يبدو أنه يريد كسبك إلى حزبه ـ عفوا معتقداته؟ ـ
ـ أنت رجل نشأ في جو تقليدي بين شيوخ يجترون ما خلفه آباءهم الأولون ولعل أحسنهم طريقة المنافق البوطي (الرسالة من رجل دمشقي سني المذهب كذا؟) الذي كرس فقهه للطاغية، فضلا عن فرار الشيخ الفرفور إلى مهاجع الموت عند الصوفية؟ أو مقاتل السلفية الجهادية بإحياء شريعة قتل المرتد ورجم الزاني أو المدخلية في مدخل إلى مخدع السلطان وعشيقاته؟ ثم القفز من هذه الحفرة إلى واد سحيق حيث حاوي السيرك البهلوان الشحرور الذي يخرج من القبعات السوداء أرانب بيضاء فكلمة بنين تعني بنايات، ونساء لا تعني النساء بل الإنساء؟ ومن كان في سفينة نوح مؤمنون وكافرون وهكذا في لعبة تلاعب بالحروف فيخرج من كلمة بحر ـ حرب كما وصفها الفيلسوف فيتجنشتاين (Wittgenstein) أن اللغة لا تزيد عن لعبة؟ لكن مشكلة الشحرور أنه ولد منها ديانة جديدة مثل البابية والبهائية والسيخية؟
ـ ثم سبحتَ في بحر المسيح الدجال ـ عفوا الانترنت ـ في تفاهات البحر الأخضر الإلكتروني حيث تضرب أمواج عاتية تغرق أعظم ناقلة نفط؟
ـ طبعا ما وصلت إليه وأنت غير محصن بلقاح انتهت صلاحيته (Expired) من فكر الفرفور أو منافق السلطة البوطي بيقينيات (كتاب اليقينيات) لا علاقة لها بيقين إلا مدح السلطان وأن ابنه (الباسل ابن الطاغية الوحش = الأسد) في حواصل طير خضر في جنات ونهر، وهو المقتول في حادث ارتطام سيارة ارتطمت بصنم أبيه على ما نقل فأوردته المنون؟
ـ والان أيها النبيل إلى مفاصل دينك الجديد للتأمل؟
ـ الله لاوجود له؟
ـ الموت ظاهرة طبيعية مثل موت أي ذبابة أو خنفسة فلا قبل ولا بعد؟
ـ الحديث النبوي أساطير الأولين؟
ـ لتصل إلى القرآن أنه مع الأديان لا يزيد عن خرافة للسيطرة على العوام والمغفلين باسم الدين = المقدس؟ ما يذكر بالبيان الشيوعي نحن نحكمكم نحن نقتلكم باسم الدين، والدين أفيون الشعوب، وهو أفظع ما يحدث في التاريخ بتعانق الثلاثي المشؤوم (قارون وفرعون وهامان).
قارون = القوة الاقتصادية. فرعون = الطاغوت السياسي هامان = الفقهاء من أمثال المفتي وفقيه السلطة من أمثال البوطي وكفتارو وحسونة بدون حسن وشيخ الأزهر والبابا والأئمة المعصومين في قم؛ شحمهم بشري ولسانهم إلهي معصومين إلى آخر لحظة من حياتهم. لنخرج بسيمفونية بائسة تضم = مواطن أعمى ومثقف مدجن وصحافة مرتزقة وفقيه غائب عن العصر وحاكم أطرش صم بكم عمي فهم لا يرجعون.
ـ وهنا السؤال لماذا أرسلت لي مفاتيح دينك الجديد التي لا تفتح بابا؟ فأنت في نظر المتدينين من عتاة الكفرة الفجرة؛ فحتى كفار قريش لم يكونوا ينكرون وجود الإله في عشرات الآيات (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون (العنكبوت ـ 61).
وأنت أنكرت بجدل: أعرف لا أعرف؟؟ أي أنت في ريب منها بل ادّارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون؟ لكن بنفس الوقت أنت بطل في نظر من ينسبون أنفسهم إلى العلم بهتانا (علمانيون) فأنت في نظرهم قمة الفهم وروعة الذكاء وأزهار الحكمة اليمانية وضوء اليقين كذا؟ كما هي في مدارس الإلحاد الذين يقولون كما زعمت أنهم في قمة السعادة وأن الدين لا يورث إلا حروبا وفسادا؟ فمن يقتتل في الأرض هم أصحاب الديانات ونسوا الحروب العالمية والقومية ومن شنها؟ ومن شن الحروب الدينية لا علاقة بهم بدين؟ على كل اطمئن فديانة الملحدين ممتدة على طول قوس الكرة الأرضية؛ بل توجد مدارس للإلحاد كتبت عنها مقالة موسعة؟
ـ قصتك تذكرني بقصة الكاهن (جان مسلييه) التي أوردها المؤرخ ديورانت في كتابه قصة الحضارة حين كتب خلسة في ظلام الليل كتابه (عهدي الجديد) والرجل كان راهبا في أبرشية يعظ الناس في قداس يوم الأحد ولكن ما تركه في كتابه هو نظير ما وصلت اليه فكفر بالملة والديانة فالكون صدفة ولا عقل خلفه ولا يقظة من رقدة الموت والكتب المقدسة خرافة كبيرة وهي صناعة بشرية لمعالجة مشاكل جنسية وسياسية وسواها؟ كما قالها لي زائر في بيتي (طبيب أطفال من مدينة حماة سوري) أن محمدا (طبعا لم يصلي عليه ـ ص) نسج القرآن حسب نشاطه الجنسي وقال لي أن الأمر واضح لا يحتاج لدليل؟
– أما الإشكالية الأولى عندك فهي في وجود الله = كلي القدرة والمعرفة والحكمة والعدل وقبل كل شيء الرحمة؟ فهو أمران: الوجود من العدم؟ وثانيها وهو الذي بعث من أجله الأنبياء أي التوحيد في مقابل الشرك أي عبادة البشر كما كان في نظام الأسد البراميلي في سوريا وكثير من جنبات العالم العربي بل العالم أجمع؟
ـ أما الأولى الوجود من العدم فجاءت في آية تنفي الأمرين (أم خلقوا من غير شيء؟ أم هم الخالقون ـ الطور 35).
ـ كما ترى في الاستثناء الأول نحن لم نخلق أنفسنا ولا آباؤنا الأولون خلقوا أنفسهم إذا لصممنا أنفسنا على نحو أفضل وأجمل وأعقل وأقوى الخ الخ.. تماما كما جاء في الآية؟ وهكذا ترى الفرق بيني وبينك في هذه المفارقة فأنت وقعت في حفرة التقليد بدون وعي وفهم واستبصار فضللت الطريق وما اهتديت، خلاف نظرتي للقرآن الذي أتلوه آناء الليل وأطراف النهار لعلي أرضى؟ استضيء بنور القرآن ليس همهمة ودمدمة مثل حفاظ القرآن وكراسي الخيزران (إعلانات الأعياد والمواسم = حفاظ قرآن وكراسي خيزران) بل فهما وتأصيلا ويوميا.
ـ الأمر الثاني موضوع الوجود والعدم. جملة من غير شيء؟ العدم يبقى عدما فلا شيء قبله ولا شيء بعده. العدم = لا شيء هو العدم. فحين يوجد شيء فثمة شيء خلفه ذلك أن العدم لا ينتج منه إلا العدم فلا شيء؟ ولأن المادة التي وجدت قاصرة فلا يمكن للمادة أن تنتج مادة فمن أوجد المادة ليس بمادة؟ المادة لا تنتج الحياة فهي قاصرة فمن أوجد الحياة من المادة هو منبع الحياة والوجود الصمد لم يلد ولم يولد وليس من مكافئ له، ولأنه محيط بكل شيء فلا يمكن أن نحيط به ونراه كما حصل مع موسى أو إبراهيم في محاولة فهم ظاهرة الموت والحياة ميدانيا فأما الأولى فانتهت بالصعق فخر موسى..
أما الثانية فرآها إبراهيم ميدانيا؟ ومنه ارشدنا الرحمن إلى التأمل ليس فيه ولكن مظاهر الكون في الأبل كيف خلقت والسماء كيف رفعت والأرض كيف سطحت؟ نحن نصاب بالصمم مع 200 ديسبل والعمى مع فولتاج آلاف الشمعات؟ وبالتالي يبقى الطمع في رؤية مختلفة بلطافة متباينة لرؤية الخبير في الآخرة. وأنت لست ممن يؤمن بها فيكف برؤية الرحمن الرحيم الذي احسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين؟
(يتبع)