في مشهد لافت يعكس تصاعد الأصوات المعارضة داخل كبرى الشركات التكنولوجية الأمريكية، اتهمت الشابة المغربية ابتهال أبو السعد، المهندسة في قسم البرمجة بشركة مايكروسوفت، إدارتها بالتواطؤ في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قائلة إن “أيدي الشركة ملوثة بدماء الفلسطينيين”.
جاء ذلك خلال تدخلها المفاجئ أثناء كلمة ألقاها مصطفى سليمان، المدير التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، خلال احتفال رسمي أقيم بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الشركة، في العاصمة الأمريكية واشنطن، بحضور عدد من كبار مسؤولي الشركة وشخصيات مؤثرة في مجال التكنولوجيا.
وفي مقطع مصور وثق لحظة المقاطعة، خاطبت أبو السعد الحاضرين بجرأة قائلة: “أنتم من تجار الحرب. توقفوا عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية”، متهمة الشركة بتزويد إسرائيل بتقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة تُستخدم بشكل مباشر في العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين في غزة، ومنها أنظمة تحليل البيانات والتعرف على الأهداف.
وأضافت أن مايكروسوفت جزء من شبكة شركات تكنولوجية أمريكية تستفيد من عقود مع البنتاغون وتل أبيب، معتبرة أن “الربح المالي يتم على حساب دماء الأبرياء”، مشيرة إلى أن صمت العاملين داخل الشركة لم يعد مبرَّرًا أمام حجم المأساة الإنسانية في القطاع.
ورغم محاولة المدير التنفيذي التهدئة بالرد بعبارة مقتضبة: “سمعت احتجاجك، شكراً لك”، إلا أن الأمن تدخل بسرعة لإخراج المبرمجة من القاعة، وسط ذهول بعض الحاضرين وتصفيق محدود من مؤيدين في الصفوف الخلفية.
وتأتي هذه الحادثة في سياق سلسلة احتجاجات مماثلة شهدتها شركات تكنولوجية كبرى مثل غوغل وأمازون، حيث نظم موظفون اعتصامات ووقعوا عرائض احتجاجًا على تورط شركاتهم في مشاريع تكنولوجية مشتركة مع إسرائيل، من بينها مشروع “نيمبوس” (Nimbus) الذي يتضمن تزويد الجيش الإسرائيلي بخدمات حوسبة سحابية وذكاء اصطناعي.
يُذكر أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وبدعم أمريكي مطلق، أسفر حتى الآن عن استشهاد أكثر من 33 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد عن 132 ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض، في ظل حصار خانق وانهيار شبه كامل للمنظومة الصحية والإنسانية. وتواجه إسرائيل اتهامات واسعة من منظمات حقوقية دولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويشير مراقبون إلى أن صوت ابتهال أبو السعد يعكس تصاعد الوعي الحقوقي لدى العاملين في قطاع التكنولوجيا، الذين باتوا يواجهون أسئلة أخلاقية ملحّة حول دور الذكاء الاصطناعي في الحروب والأنظمة القمعية، ما يفتح الباب أمام حركة متنامية للمساءلة داخل هذه الشركات العملاقة.
