في مشهد يختزل منطق الترهيب الذي بات سمة ملازمة لخطاب السلطة في الجزائر، وثّق فيديو نُشر مؤخرًا من داخل جلسة للمجلس الشعبي الوطني، مطالبة أحد النواب الحكومة بـ”التحرك العاجل ضد اتساع ظاهرة المثلية”، وذهب أبعد من ذلك بدعوته العلنية لرئيس الجمهورية إلى إصدار “أحكام إعدام” في حق المثليين.
هذا التصريح الذي قوبل بتصفيق بعض الحاضرين تحت قبة البرلمان، ليس مجرد رأي فردي بقدر ما يعكس دينامية أوسع يقوم عليها النظام الجزائري، تقوم على استخدام لغة العنف والتهديد بالموت كسلاح سياسي وأخلاقي، لترهيب فئات اجتماعية تعيش أصلاً في وضع هش ومهمّش.
رغم أن القانون الجزائري يجرّم المثلية بموجب المادة 338 من قانون العقوبات، فإن الدعوة العلنية لتنفيذ أحكام إعدام على أساس التوجه الجنسي تشكّل خرقًا فاضحًا للدستور الجزائري وللمواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
فيديو: تحريض موثق من البرلمان بالقتل
اللافت في هذا المشهد ليس فقط النبرة العدوانية في خطاب البرلماني، بل غياب أي رد فعل رسمي من رئاسة المجلس أو من المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، ما يؤكد مجددًا أن النظام لا يكتفي بالصمت، بل يشرعن خطاب الكراهية ويغذيه داخل مؤسسات الدولة.
منظمات حقوقية محلية ودولية عبّرت عن صدمتها من هذه التصريحات، ووصفتها بأنها “دعوة مباشرة للعنف والتصفية الجسدية”، وهو ما يفتح الباب أمام جرائم كراهية قد تتم لاحقًا تحت غطاء “الشرعية المجتمعية” أو “الدين والقيم”، وهي المفاهيم التي يُسيء النظام توظيفها كلما احتاج إلى تحويل الأنظار عن أزماته السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
في زمن يُفترض فيه أن يكون البرلمان فضاءً للدفاع عن الحقوق والحريات، أصبح في الجزائر منبرًا لتكريس العنف وتغليف القتل بلغة “القيم”، في مشهد يعيد إلى الأذهان سنوات الجمر والدم، حين كانت الأصوات المخالفة تُقصى وتُطارد… إن لم تُغتَل.