في تحذير غير مسبوق، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، أن اقتصاد بلاده يمر بوضع كارثي، مشيراً إلى أن فرنسا أصبحت مثقلة بالديون، وتعاني من ضعف في الإنتاجية وتراجع في معدلات العمل مقارنة بدول منافسة، وهو ما يستدعي إطلاق خطة طوارئ عاجلة دون أي تأخير.
وخلال مؤتمر صحفي جمعه بكبار وزرائه، أوضح بايرو أن الأزمات الدولية، وعلى رأسها الغزو الروسي لأوكرانيا والحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فاقمت من هشاشة الاقتصاد الفرنسي، ما اضطر الحكومة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي في وقت تواجه فيه المالية العامة عجزاً مقلقاً.
وقال رئيس الوزراء إن «بقاء فرنسا على المحك»، مشيراً إلى أنه استدعى ممثلي البرلمان والنقابات والجمعيات والإدارات المحلية للبحث عن حلول دائمة للأزمة قبل حلول الصيف.
وفي ظل ضعف أغلبيته البرلمانية، وجه بايرو نداءً مباشراً إلى المواطنين الفرنسيين، قائلاً إن الوعي الشعبي هو الضامن الوحيد لاستمرار العمل الحكومي، في إشارة إلى أن غياب الغطاء السياسي يتطلب دعماً شعبياً واسعاً.
وكان قد اضطر مؤخراً لتقديم تنازلات للاشتراكيين واليمين المتطرف من أجل تمرير ميزانية 2025، لكنه يسعى الآن إلى توسيع نطاق التقشف، رغم التحديات السياسية.
بدوره، قدّر وزير الاقتصاد، إريك لومبار، أن الحكومة تحتاج إلى خفض النفقات بمقدار 40 مليار يورو العام المقبل للحفاظ على عجز الميزانية عند 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن يُتوقع أن يصل إلى 5.4% هذا العام.
ورسم بايرو صورة قاتمة للمشهد الاقتصادي، معتبراً أن فرنسا لا تنتج بما يكفي ولا تعمل بما يكفي، في الوقت الذي تسجل فيه أعلى مستويات الإنفاق العام عالمياً، إنفاق لا ينعكس على رفاهية المواطنين بل يتحول إلى عبء ديون خانق.
وأشار إلى أن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا تمثل «إعصاراً» أجبر الدولة على زيادة الإنفاق الدفاعي بثلاثة مليارات يورو، بينما وصف سياسات ترامب التجارية بـ«الإعصار المدمر» الذي يهدد بتبعات غير متوقعة.
في ظل هذا الوضع، تواجه فرنسا تحدياً وجودياً يتطلب إصلاحاً شاملاً وهيكلياً، وسط تساؤلات حاسمة عن قدرة الحكومة على تحقيق التوازن بين التقشف والحفاظ على التماسك الاجتماعي في بلد يواجه عاصفة اقتصادية وسياسية متصاعدة.