حديث الساعةسياسة
أخر الأخبار

الصحراء المغربية: من إدارة الأزمة إلى لحظة الحسم؟

تحولات دولية حاسمة لصالح المملكة.. يجني المغرب ثمار عقود من الدبلوماسية الهادئة والتحالفات المدروسة

مع اقتراب اجتماع مجلس الأمن المخصص لقضية الصحراء المغربية، يكشف تقرير داخلي سري لرئيس بعثة الأمم المتحدة (المينورسو) عن تحوّل عميق في ملامح النزاع.

فبينما تستعرض البعثة الأممية تقدماً لوجيستياً على الأرض، يظهر التقرير في جوهره فشلًا ذريعًا على الصعيد السياسي، ناتجًا أساسًا عن تعنّت جبهة البوليساريو ورعاتها، في مقدمتهم النظام الجزائري الغارق في أزماته الداخلية.

مأزق المينورسو وانكشاف البوليساريو

يكشف تقرير الممثل الخاص للأمين العام، ألكسندر إيفانكو، أن المينورسو باتت تعمل بكفاءة غير مسبوقة من الناحية اللوجستية. ومع ذلك، فإن بعثة السلام الأممية عاجزة عن أداء دورها الأساسي: مراقبة وقف إطلاق النار وتوفير أرضية للحوار السياسي.

السبب؟ رفض البوليساريو التجاوب مع مبادرات التهدئة، حتى تلك الرمزية، مثل مقترح الهدنة في رمضان. أما التحقيق في الهجمات بالطائرات المسيّرة، فيُمنع على فرق المينورسو، التي لا تتلقى أي تعاون من الطرف الانفصالي.

هذا الانغلاق يُترجم، عملياً، إلى شلل في مسار الأمم المتحدة، ويُسائل جدوى استمرار بعثة لا تُمارس سلطتها إلا في نصف الميدان.

الجزائر.. قوة إقليمية متهالكة

على خلفية هذا المشهد، تلوح الجزائر، التي لطالما اعتبرت الراعي الأول للبوليساريو، في حالة عزلة غير مسبوقة. فعلى الصعيد الدبلوماسي، تقلص نفوذها في إفريقيا، وتوترت علاقاتها مع أوروبا، وعربيا أصبح صوتها لا يعار له أي انتباه.

داخلياً، تغرق في أزمة اقتصادية خانقة، مع تراجع ملحوظ لعائدات الغاز والبترول، نتيجة غياب أي إصلاح بنيوي. والأسوأ: المؤسسة العسكرية الحاكمة تبدو أسيرة خطاب خشبي وعداء أعمى للمغرب، دون أي تصور استراتيجي للخروج من المأزق.

تحولات دولية حاسمة لصالح المغرب

في المقابل، يجني المغرب ثمار عقود من الدبلوماسية الهادئة والتحالفات المدروسة. الولايات المتحدة، التي تعود إليها إدارة ترامب في نسختها الثانية، تُبقي على اعترافها بمغربية الصحراء، مع إشارات واضحة إلى دعم موقف الرباط في مجلس الأمن.

أما أوروبا، فقد مالت كفة عدد من عواصمها الرئيسية باريس، مدريد، برلين، لاهاي.. نحو دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

ولعلّ افتتاح أكثر من 29 قنصلية عامة في مدن الصحراء المغربية، من قبل دول إفريقية وعربية، هو التعبير العملي عن الاعتراف الدولي المتزايد بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية التي تعرف طفرة اقتصادية استثنائية.

مناورات التقسيم.. الوجه الحقيقي والبشع للأطماع الجزائرية

مؤخراً، بدأت تتسرب إشارات من الدبلوماسية الجزائرية حول إمكانية “تقسيم” الصحراء كحل وسط. لكن هذا الطرح لا يعكس سوى نوايا توسعية قديمة تُلبّسها الجزائر لباس “تقرير المصير”.

الهدف واضح: وهو منح كيان وهمي تسيطر عليه منفذاً على المحيط الأطلسي، وخنق المغرب جيوسياسياً.

إلا أن هذا السيناريو، بالإضافة إلى كونه مرفوضاً مغربياً ودوليا، يصطدم بواقع سياسي قانوني صارم لا يمنح البوليساريو أي شرعية لاقتسام الأرض، ولا يملك أصلاً وجوداً فعلياً يمكن التفاوض عليه.

لحظة الحسم تقترب

ما يرشح من التقرير الأممي الأخير لا يترك مجالاً للشك: دينامية النزاع تميل بقوة لصالح المغرب، ميدانياً ودبلوماسياً وعسكريا. وإذا استمر المجتمع الدولي في غضّ الطرف عن تعنت البوليساريو، فإن مسار السلام الأممي برمته مهدد بالسقوط.

اليوم، لم تعد القضية قضية “نزاع مجمد”، بل قضية سيادة تُثبَت كل يوم على الأرض، في مقابل كيان يختبئ خلف خطاب ماضوي ودعم جزائري متآكل. لحظة الحقيقة تقترب، والمغرب، أكثر من أي وقت مضى، يبدو مستعداً لها.

https://anbaaexpress.ma/zj0xs

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي وإعلامي خبير في الشأن المغاربي مدير عام أنباء إكسبريس

‫3 تعليقات

  1. العالم يعاد تقسيمه من جديد.العالم بعد كورونا هو عالم جديد تحكمه مصالح اقتصادية جديدة .الدول الوظيفية التي انشاتها الدول الامبريالية كلها ذاهبة للزوال من العراق الي سوريا الي يمن وقريبا الجزائر. تحالف دول ساحل ينبا بتغير جيوبليتيك التي تتحكم فيها المعادن النفيسة .أمريكا تبحث عن الإمساك بزمام الأمور بعدما بدت تشعر بأن البساط تسحبه الصين من تحت اقدامها .بعدها تمددت بشكل رهيب في العالم .فيما يسمي بطريق الحرير .المخاض شديد وارهاصان ولادة قيصرية لنظام عالمي جديد تتضح معالمه في الافق

  2. مقال مهم وتحليل جيد للوضع الحالي، فعلا المملكة المغربية تجني الثمار بسبب السياسة الحكيمة والدبلوماسية الملكية التي تعتمد على الهدوء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى