إن تدشين جلالة الملك محمد السادس لأشغال إنجاز الخط السككي فائق السرعة، الرابط بين مدينتي القنيطرة ومراكش، الذي يبلغ طوله 430 كيلومتراً، تنضاف إلى مسافة 200 كيلومتر بين طنجة والقنيطرة، ليصبح المغرب من بين الدول التي تمتلك أكبر خط سككي للقطارات فائقة السرعة، بمسافة إجمالية تبلغ 630 كيلومتراً، وذلك في إطار برنامج لتعزيز البنية السككية الحالية.
هذا التدشين ترافقه وتليه مجموعة من العمليات والإجراءات الأخرى، تتمثل في تكوين بنية تحتية سككية جديدة، من خلال إضافة خطوط سككية إلى جانب الخطوط الموجودة حالياً، واقتناء قطارات جديدة، وتحديث الأسطول الحالي، وبناء محطات قطار جديدة .
كما أن الخارطة السككية سيتم تحيينها بهذه الخطوط الجديدة، خصوصاً بين الرباط، الدار البيضاء، ومراكش.
كما أن هذه العمليات لا تقتصر فقط على عمليات الاقتناء والشراء، وإنما ستقوم أيضاً على محور التصنيع، حيث سيدخل المغرب في شراكة من أجل تصنيع وصيانة القطارات المعنية بهذه المشاريع على الصعيد المحلي.
وبالنظر إلى الآثار الكبيرة لهذا المشروع الملكي الواعد، نجد أن له تداعيات إيجابية على الصعيد الاقتصادي، نظراً للميزانية المخصصة له، ورقم المعاملات الخاص بهذا المشروع، وفرص الشغل التي سيتم توفيرها لليد العاملة المغربية، ما ينعكس إيجاباً على الظروف الاجتماعية والحد من البطالة.
زد على ذلك تطور الصناعة المحلية، والرفع من مكانتها على الصعيد الإقليمي في شمال إفريقيا، حيث سيتخلص المغرب من تبعية الشراء والاستيراد وتداعياته على رصيد العملة الصعب، كما سيكون له أثر إيجابي كبير على المقاولات الصناعية المغربية وانخراطها في العجلة الاقتصادية.
إضافة إلى الأثر الإيجابي لهذه الخطوط السككية على تنقل المغاربة، وتقريب المسافات بين المدن، وتخفيض زمن الرحلات، وكذلك تقريب الوجهات السياحية لزوار المغرب، ما سينعش مجال السياحة ويشجع على زيارة المغرب.
دون إغفال جانب مهم، يتجلى في الأثر البيئي لهذا المشروع، الذي سيحد من الانبعاثات الغازية، بعدما سيعمد العديد من المواطنين إلى استعمال وسيلة نقل منخفضة الكربون، عوض استعمال سياراتهم في التنقل بين المحاور المهنية القريبة، مثل الرباط – القنيطرة، أو الرباط – الدار البيضاء، أو طنجة – القنيطرة.
ومن زاوية سياسية، يتضح جلياً كما الفرق بين سرعات القطارات الاعتيادية والقطارات فائقة السرعة، هو الفرق بين المشاريع والبرامج الملكية، والمشاريع الحكومية التي قد تخضع بعضها لمنطق الحسابات السياسية، ومحاولة تسجيل نقط حزبية.
في حين أن المشاريع الملكية تراعي المصلحة العامة، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، مستحضرة المنفعة العامة للوطن، مقارنة مع بعض المشاريع والبرامج الحكومية التي تصطدم بعراقيل ومعيقات تقنية أو قانونية، بسبب الصراعات الحزبية التي قد تحول دون برمجة بعض البرامج أو توقفها في نصف الطريق.
إن المشاريع التنموية التي يتبناها المغرب تعتبر سلسلة متواترة ومرتبطة، تتابع واحدة تلو الأخرى، في إطار مسلسل من الأوراش الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تهدف إلى الرقي بمكانة المغرب، وتبوئه المكانة التي يستحقها في مصاف الدول ذات الإقلاع التنموي، وتحتاج تعبئة شاملة وإرادة جماعية من كل الفاعلين.